احتفظ بالفاتورة فسوف تعيد البضاعة

[email protected]

تشتري آلة فتكتشف أنها غير متوافقة مع الفيش لديك في المنزل، أو الفولت غير متوائم، فتحتاج إلى توصيلة أو محول كهربائي. تشتري (لمبة) فتكتشف أن مقاسها غير المقاس الذي لديك، حيث إنك نسيت أن تعرف مقاس قاعدة اللمبة، وقوة التيار الكهربائي، ونوعية القاعدة (سنة أم مسمار). الأسلم شراء عدة توصيلات ومحولات ليصبح بيتك مستودعاً للتوصيلات، ومحطة للمقاييس كافة، الجيد منها والرديء.
في أوروبا وأمريكا، تشتري الآلة وأنت موقن أنها ستعمل لديك، وأن الفيش سيركب على المفتاح في بيتك، وأن اللمبة حتماً ستكون بالمقاس نفسه في مقابس المنزل كافة، وبالتيار الكهربائي نفسه. وأنها ستعيش فترة لا بأس بها في منزلك.
نشتري الأجهزة والمعدات ولا نعلم إن كانت ستعمل أم لا، إن كانت بالمقاس نفسه أم لا، إن كانت جيدة أم رديئة، إن كانت فعلاً من البلد المذكور على الكرتون أم لا. باختصار: لا نعلم إن كان هناك من يقوم على مراقبة هذه المنتجات أم لا. وبما أننا نقع في كثير من المشكلات فالجواب الثاني أقرب للصواب.
يا ترى لو اختفت هيئة المواصفات والمقاييس هل سيفتقدهما أحد؟ هل لهما وجود مؤثر في السوق السعودي رغم عمر الهيئة الذي يتجاوز 36 سنة؟ إن أبسط أدوارهم هو توحيد المقاييس الموجودة في السوق. حرية التجارة لا تعني تنوع المقاييس. نريد قياسا واحدا. لا يهم أن يكون أمريكيا، أو بريطانيا، أو أوروبيا، فقط قياس واحد متبع ومتناغم مع كل المنتجات في السوق. تبلغ به وزارة التجارة والجمارك ويفرض على السوق. نريد بضاعة تمر بالحد الأدنى من السلامة والجودة، ولا تكون سوقنا مفتوحة لأرخص البضائع، وأموالنا مهدرة على منتجات لا تعيش أكثر من أيام قليلة، وصحتنا عبث في أيدي تجار لا يخافون الله فينا، فيبيعوننا أرخص معاجين الأسنان المسرطنة، وأقذر المناديل المعاد تصنيعها من مخلفات المصانع، وأطباق أكل ذات تفاعلات كيميائية ضارة. إن سوق المملكة أكبر أسواق المنطقة، ويجب أن يحظى باحترام وتقدير، بحيث تصبح علامة الجودة السعودية تعني الكثير في الأسواق المجاورة، وتصبح السعودية منطقة استيراد وإعادة تصدير، ليس كما في موانئ دبي، حيث تمرر إلينا البضائع الصينية الرخيصة، بل كما في أمريكا الجنوبية حيث تصدر البضائع الصينية الجيدة إلى الولايات المتحدة، ثم يعاد تصديرها إلى أمريكا الجنوبية، بل وأماكن أخرى من العالم بما فيها المملكة. نشتري البضاعة المصنوعة في الصين لأن مستوردها شركة أمريكية ذات رقابة نوعية عالية، فنشتري الاسم والثقة في المنتج. نريد مثل ذلك للمقاييس السعودية. لا نريد شعار الهيئة اختيارياً بل إلزامياً، ولا يسمح بدخول السوق لأي منتج لا يحمله أو يتقيد بمواصفاته. كما تحارب الهيئة بالتعاون مع وزارة التجارة الغش التجاري، وتقليد العلامات التجارية، والتلاعب بالأسعار، أو عدم مطابقة المواصفات الفعلية على ما هو مذكور في إعلان المنتج، وغير ذلك من وسائل الغش والتدليس على المستهلكين.
للأمانة اطلعت على موقع الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس، وسرني كثرة المعلومات فيه، وخاصة منشور إنجازات الهيئة في 20 عاماً، ولكن سؤالي الحقيقي (وليس سؤالاً استنكارياً أو تهكمياً) هو: لماذا لا نشعر بوجود الهيئة؟ لماذا لا تنعكس إنجازاتهما على المنتجات الموجودة بالفعل في السوق؟ لماذا لا يتم توحيد المقاييس، وفرض حد أدنى من الجودة لا يسمح بتجاوزه؟ بزيارة واحدة لأي سوق، وخاصة الأسواق الشعبية، ومحال (أبو ريالين)، تجد مئات المنتجات المتعددة المقاييس ذات الجودة الرديئة. أين هي من هذه المنتجات؟ إذا كانت الهيئة غير قادرة على تقنين المقاييس، أقترح عليها تبني المقاييس الموجودة في أي بلد أوروبي وتطبيقها فوراً، دون الحاجة لإجراء أي تجارب أو دراسات، وترجمة كتب المقاييس هناك وفرضها هنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي