العشوائية عدو التنمية
أتذكر أني درست مادة علم الاجتماع الحضري وكانت مادة شيقة تتحدث عن التنمية والمدن وتخطيطها وأحيائها وكان من ضمن المواضيع التي درسناها ما يسمى بأحياء الصفيح وتتواجد بشكل كبير في الدول الفقيرة، والتي مازالت عالقة بذهني ورأيتها على الطبيعة في عدة دول عربية وآسيوية وإفريقية وفي أمريكا الجنوبية عندما أتيحت لي الفرصة لزيارتها، وأحياء الصفيح هي البيوت التي تبنى من الصفيح أو الشينكو – الصندقة - أو الأشجار ولا تملك من المقومات ما يؤهلها للتصدي لعوامل الزمن ولا يمكن أن تصمد في وجه الرياح أو العواصف أو الفيضانات وهذه منتشرة بكثرة في دول شرق آسيا وجنوبها مثل الهند وبنغلاديش وباكستان وتايلاند والفلبين وإندونيسيا وفيتنام وغيرها، ولا يمكن أن تتحمل مثل المباني الخرسانية أو الجاهزة، وقد شاهدنا وسمعنا عن تعرضها لموجات الفيضانات والزلازل والتي قضت على قرى ومدن بأكملها.
ولدينا في المملكة أحياء عشوائية من الصفيح والعشش وبعضها أقيم بطريقة غير قانونية وحتى في المدن الرئيسة. ولا تملك هذه الأحياء ما يؤهلها للصمود أمام تقلبات المناخ والكوارث الطبيعية وكذلك تفتقد إلى الخدمات الرئيسية مثل المياه والصرف الصحي وبعضها لا يوجد بها كهرباء.
والحملات التي تنظمها الجهات الرسمية لإزالة هذه الأحياء التي تشوه الوجه الحضاري للمدن مستمرة ويجب ألا تتوقف لأن مضارها كثيرة وهي عادة ما تؤوي بعض الفئات التي تقيم في البلاد بطريقة غير نظامية. أو قد يرتادها بعض الخارجين على القانون وقد سمعنا الكثير من القصص عن هذه الأحياء.
هناك الأحياء القديمة والمهجورة من قبل أصحابها في المدن الرئيسية أصبحت من ضمن العشوائيات ويرتادها الأجانب بكثرة وبعضها يستخدم لأغراض مشبوهة.
العشوائية ليست في أحياء الصفيح فقط فهناك الاستراحات العشوائية، وهناك المستودعات، وأيضا الورش في المدن الصناعية، وبعض المحال التجارية والتي بنيت بطريقة بدائية وتفتقد إلى أبسط عناصر السلامة، وهناك مكاتب العقار العشوائية التي لا تملك ترخيصا ويعمل بها أجانب ومخالفون لنظام الإقامة والحملة الأخيرة التي نظمتها أمانة مدينة الرياض بالتعاون مع الجهات الرسمية وغطتها صحيفة "الاقتصادية" والتي كشفت عن وجود أعداد كبيرة ممن يعملون بطرق غير نظامية في المكاتب العقارية العشوائية وكذلك الحملة التي نظمت في جدة وأغلقت الأمانة العشرات منها قبل فترة وجيزة، ولا ننسى مكة المكرمة وجدة من حيث كثرة الأحياء العشوائية والتي تؤوي الملايين ومعظمهم من مخالفي نظام الإقامة.
القرارات الحكومية في هذا الشأن واضحة وتطبيقها بحزم أمر لابد منه مع ضرورة المتابعة المستمرة حتى القضاء عليها وتنظيم العمل فيها، لأنها أصبحت مشكلة تؤرق وتعطل التنمية وتشوه الوجه الحضاري للمدن، ولا ننسى تأثيرها السلبي في الأمن في البلاد الذي هو واجبنا جميعا.
رئيس فكر الدولية