أهمية الأسطول الأمريكي في الاقتصاد البحريني

[email protected]

الكتابة عن المساهمة الاقتصادية للأسطول الأمريكي في الاقتصاد البحريني لها ما يبررها في ظل الحديث عن العنف في التعامل مع الملف النووي الإيراني. يتخذ الأسطول الأمريكي الخامس من البحرين مقرا له. يعود تاريخ تواجد البحرية الأمريكية في البحرين لعام 1946 عندما كانت البلاد واقعة تحت الحماية البريطانية. نالت البحرين استقلالها في عام 1971.
الأرقام المشار إليها في المقال مستسقاة من محاضرة ألقاها الأدميرال كيفن كوسغريف في (آذار) مارس الماضي وذلك ضمن فعاليات جمعية رجال الأعمال البحرينية. حينها كان كوسغريف يعمل قائدا للأسطول الأمريكي في البحرين، ذلك المنصب الذي خسره قبل نحو أسبوع ربما بسبب آرائه المعارضة للخيار العسكري في معالجة الأزمة مع إيران.

150 مليون دولار
حسب الأدميرال تضخ القاعدة الأمريكية في البحرين 150 مليون دولار سنويا في الاقتصاد البحريني. ويشكل هذا الرقم نحو واحد ونصف من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين الأمر الذي يكشف الأهمية النسبية للبحرية الأمريكية في الاقتصاد البحريني.
تتوزع النفقات على الأمور التالية: 62 مليون دولار للسكن والمعيشة، و28 مليون دولار للمرافق، و21 مليون دولار للخدمات التجارية، و11 مليون دولار للإقامة في الفنادق والمنتجعات، و11 مليون دولار للموارد البشرية، وعشرة ملايين دولار تكلفة تشغيلية، إضافة إلى أربعة ملايين دينار للمنتجات والخدمات التي تباع في القاعدة وثلاثة ملايين دولار للصرف على الأنشطة الترويحية والاستجمام.

3 آلاف جندي
بيد أنه لا يشمل هذا الرقم ما ينفقه الجنود وعددهم ثلاثة آلاف في الأسواق والمجمعات والمطاعم والفنادق في البحرين. يعرف عن الأمريكيين ميلهم للصرف وشراء الهدايا ما يعني أن القيمة الحقيقية أكبر من 150 مليون دولار. كما أن المبلغ مرشح للارتفاع بشكل نوعي في حال عودة أفراد أسر البحرية الأمريكية للبحرين. يشار إلى أن الولايات المتحدة قررت سحب رعايا الجنود في تموز (يوليو) من عام 2004 بسبب التوترات السياسية في المنطقة. وقد سمحت السلطات الأمريكية لأفراد أسر البحرية بزيارة البحرين على تأشيرات سياحية لمدة أسبوعين ابتداء من نيسان (أبريل) من عام 2007.
حقيقة القول، تعد منطقة الجفير حيث يتمركز فيها أفراد البحرية الأمريكية من أكثر المناطق الحيوية في البحرين، حيث تنتشر فيها العديد من المحال التجارية وخصوصا الفنادق والمطاعم والمقاهي ومحال المجوهرات. كما تعد الجفير من أكثر الأماكن في البحرين رقيا نظرا لاحتضانها بعض أجمل المباني السكنية من حيث الألوان والهندسة. يفضل الأمريكيون العاملون في البحرين بشكل عام السكن في الجفير والمناطق القريبة منها نظرا لقربها من القاعدة البحرية. وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد زار القاعدة وتناول وجبة الإفطار مع الجنود أثناء زيارته للبحرين مطلع العام الجاري.

معارضة الحرب
اشتهر الأدميرال كيفن كوسغريف بآرائه المناوئة لوقوع نزاع عسكري بين الولايات المتحدة وإيران. وقد أعلن في مقابلة تلفزيونية مع قناة (إي بي سي) الأمريكية للأخبار في نهاية أيار (مايو) الماضي أن الحرب مع إيران ستكون مدمرة على المنطقة بأسرها مصرا على عدم وجود خيار سوى الحل الدبلوماسي لأزمة الملف النووي.
وربما تكون آراؤه الصريحة قد كلفته منصبه في نهاية المطاف. يشار إلى أن كوسغريف تولى قيادة القوت المركزية الأمريكية والأسطول الخامس بتاريخ 27 شباط (فبراير) من عام 2007 خلفا للأدميرال باتريك وولش. وفي خطوة مفاجئة قررت وزارة الدفاع الأمريكية استبدال كوسغريف وتسليم القيادة إلى الأدميرال وليام جروتني. وتمت مراسم تبديل القيادة بتاريخ الخامس تموز (يوليو) الجاري أي بعد يوم من ذكرى استقلال الولايات المتحدة. في العادة يمضي قائد البحرية الأمريكية لعدة سنوات في منصبه. كما لم يتم الإعلان عن ترقية كوسغريف.

رسالة للأطراف المعنية
يتمتع القائد الجديد بخبرة طويلة في مجال الطيران العسكري وأسهم في إدارة الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003. لم يطرح جروتني حتى الآن رأيه في الطريقة المثلى للتعامل مع الملف النووي الإيراني. لكنه أكد في تصريحات صحافية أنه تنصيبه في هذا الوقت يعني إصرار الولايات المتحدة على حرية وسلامة الملاحة في المياه الدولية.
وكانت إيران قد هددت حديثا بأنها ستعمل على غلق مضيق هرمز أمام تصدير النفط في حال تعرضها لهجوم. المعروف أن 40 في المائة من النفط العالمي يمر عبر مضيق هرمز.

نأمل أن يسهم القائد الجديد للبحرية الأمريكية في تعزيز فرص السلام في المنطقة وليس العكس. بدورنا نعتقد أن التحدي الحقيقي يكمن في حل موضوع الملف النووي الإيراني بالطرق الدبلوماسية نظرا لفشل الحلول العسكرية في تحقيق السلام. وتبين من تجربتي أفغانستان في عام 2001 والعراق في 2003 أن التدخل العسكري غير قادر على جلب السلام.
التقيت كوسغريف في العديد من المناسبات الاجتماعية المختلفة أثناء وجوده في البحرين لنحو عام ونصف العام. وقد تحدثت إليه بشكل مختصر عن خطورة التطورات الأخيرة بين أمريكا وإيران بتاريخ الثالث من تموز (يوليو) الجاري عشية احتفال الولايات المتحدة بذكرى استقلالها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي