منتج كذاب وجمهور لا يفكر

حاول العقاد رحمه الله من خلال فلم الرسالة أن يقدم صورة حقيقية للإسلام إذ ركز على روح الإصرار والمبادئ الإنسانية الرائعة التي انطلق منها، ولم تكن للفلم ملامح مؤدلجة أو مسيسة تتجه بالمشاهد نحو مساحات مفروضة كما هو الحال الآن، لذا لا شك في أن غياب منتج نزيه ومخرج "محترم" ساهم في تشويش العديد من الصور التاريخية، وحيث إن الفترة القادمة ستحمل الكثير من الأفلام "الوثائقية" عن "صدام حسين" و"أنور السادات" فإننا سنستعد لهيمنة فكرية ترسخ نقاطا محددة قد لا تكون صحيحة، وخاصة أن غياب الأمانة أمر مؤكد في عالم صناعة السينما العربية والتمثيل كما سبق أن حدث مع "الحجاج" و"هارون الرشيد"، وعلى العكس نجد أن هوليود رغم الهالة التي تبثها مع أفلامها إلا أنها تحترم النقل وتقدم أمانة السيرة على فكرة المنتج، و خير دليل على ذلك فلم "مالكم أكس" وأخير "غيفارا"، وما يدعو لكتابة مثل هذا الكلام هو تحول المشاهد بعد المتابعة لمؤرخ يسرد القصص ووهم الحقائق مستندا إلى فلم شاهده عن شخصية محل نقاش في وقت ما، ومهما حاولت أن تصحح الخطأ يأتيك الرد: "يعني أنت فاهم وهم لا"، وكأننا أمام مسألة رياضية لا تقبل الجدل، ولعل هذا أحد أهم أسباب تراجع السينما العربية كقيمة رؤيوية، تحل محلها مشاهد قادرة على صناعة الجدل فقط، في إشارة مهمة: إن عقل المشاهد العربي من الواجب أن يركن إلى رأي الآخر، ويصبح القرار جاهزا لا يحتاج إلى من يبحث عنه ويدقق تفاصيله.
ترى ماذا سيحمل فلم "صدام حسين"، ولماذا ستتم إعادة تاريخ "أنور السادات"، ومتى يتعامل المنتج مع "أفلامه" كمحاولة لإعادة بث مرحلة بصدق لا يتأرجح بين توجه ومصالح، فالتاريخ ومراحل الحياة لا تحتاج إلى من يعيد صياغتها وفق "هوى" بل تحتاج إلى أمانة، ومن المخجل أن نضرب بـ "هوليوود" مثالا على ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي