مساهمو مخطط "المها" يناشدون وزير الشؤون البلدية والقروية
أكثر من 2500 مساهم يقدمون نداءهم إلى الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، أكثر من 2500 مساهم تعلقت قلوبهم بقرار من سموكم ينهي معاناتهم التي استمرت أكثر من أربع سنوات. بهذه العبارات وردت رسالة إلى بريدي الإلكتروني، وكما يقول صاحبها أن علينا معشر الكتاب أمانة نقل الكلمة الحق، وأننا مواطنون في جسد هذه الأمة، فإذا اشتكى منه جمع تداعى لهم سائر الكتاب بالكلمة الصادقة والمعنى الواضح. فقبل أكثر من أربع سنوات انطلقت مساهمة "المها" بأبحر الشمالية في محافظة جدة، وقد تولى كبر طرحها مكتب المثمن العقاري، وذلك بالتأكيد بعدما تم الترخيص لهذه المساهمة من قبل وزارة التجارة والصناعة. القضية الأساسية وعقدة المنشار أن هذه المساهمة تمت على مساحة تقدر بـ 341 ألف متر كجزء من أرض تبلغ مساحتها الإجمالية مليون و300 ألف متر والمملوكة ابتداء لأحد رجال الأعمال، ولكنها غير مفروزة بصك مستقل. قام المطور بإعداد مخطط مبدئي واعتماده من أمانة محافظة جدة، وهذا هو الإجراء المتبع لتقوم وزارة التجارة والصناعة بمنح تصريح المساهمة. وبهذا منح التصريح فعلا وجمعت الأموال ومرت السنوات ولم يطور المخطط تمهيدا لاستخراج الصك النهائي له والبدء في البيع، ولأن كل مساهمة تنقضي إما بالتنفيذ والبيع وتوزيع الأرباح على المساهمين (وهو ما يتمناه كل مساهم) أو انقضاء أجلها ومدتها النظامية (ولا أراكم الله مكروها في عزيز لديكم)، وقد اختارت مساهمة "المها" الثانية وانتهت المدة النظامية لها قبل تنفيذها، ووفقا للقواعد التي أقرتها وزارة التجارة والصناعة فلم يعد أمام المساهمين سوى القبول بتصفية المساهمة ورد الأموال على مبدأ العوض ولا القطيعة. من هنا بدأت المعاناة تتخذ مسارها الدرامي فقد كان لزاما ولتصفية المساهمة أن يقوم المالك الأساسي للأرض الإجمالية والبالغة مليون و300 ألف متر بفصل الجزء المخصص للمخطط في صك مستقل حتى يمكن بيعه وتصفية المساهمة، إلا أنه تم رفض الطلب - أو هكذا قيل - بحجة عدم تطوير الأرض، وبذلك عدنا للمربع الأول. فاستخراج الصك النهائي وبيع المخطط و نجاح المساهمة قد تعثر بسبب عدم قدرة المطور على التطوير ابتداء، ولتنفيذ قرارات وزارة التجارة والصناعة ولاسترداد المساهمين لحقوقهم يجب تصفية المساهمة ورد الأموال للمساهمين وهذا يقتضي بيع المخطط على وضعه الحالي وهو الأمر الذي يحتاج إلى صك مستقل، لكن هذا الصك لم يصدر عن كتابة العدل في محافظة جدة، وذلك لعدم موافقة أمانة جدة تنفيذا لتوجيهات وزارة الشؤون البلدية والقروية، حيث إنه يجب تطوير المخطط بشكل نهائي لإصدار صك مستقل له. ويبدو أن الجميع يسأل وبحيرة شديدة من الذي وضع العربة قبل الحصان لكن أحدا لم يعدل وضع الحصان.
لإنهاء هذه المشكلة وكسر الحلقة المفرغة بادر المالك والمطور بطلب إلغاء المخطط كحل وسط لتعود الأمور إلى وضعها السابق قبل المساهمة، حيث يتمكن المالك من فصل أرض المخطط بصك مستقل وبيعها إلا أن وزارة الشؤون البلدية والقروية رفضت هذا الطلب أيضا، ما أدى إلى عدم إمكانية بيع الأرض وبالتالي تصفية المساهمة، وبدلا من ذلك اقترحت تعديل المخطط لكن المطور كان قد فقد كل قدراته على ذلك.
ثم وفي محاولة يائسة وأخيرة – لعل وعسى - تم طرح المخطط بوضعه القائم للمزاد العلني، والذي تم يوم الثلاثاء الماضي، وتعلقت قلوب المساهمين بذلك الحدث مع ضعف الأمل، وقد تحقق ما خشيه الجميع فلم يتقدم أحد لشراء هذا الجزء من الأرض في ظل عدم وجود صك مستقل محدد الأطوال والأبعاد واحتمال دخول المشترى مشاعا مع المالك الأساسي في الأرض، وهو أمر لن يقبله أي مستثمر حريص. وعلى الرغم من الجهود التي قامت بها وزارة التجارة والصناعة لحل هذه المساهمة المتعثرة من خلال الخطابات الوزارية لمقام إمارة منطقة مكة المكرمة ووزارة العدل، إلا أن هذه القضية الشائكة لم تحل وبقيت أموال المساهمين معلقة بين خطابات صادر ووارد. ليست المسألة توجيه الاتهامات فالكل حريص ويعمل وفق نظام صنع لحماية المساهمين، لكن أحدا لم يقف ويسأل هل فعلا استطاعت هذه الأنظمة حمايتنا ومكنتنا من استرداد حقوقنا؟
هذه قصة معقدة وصورة من صور المساهمات المتعثرة نقلتها بكل تجرد وأمانة كما وصلتني، ولم أعدل عليها إلا لضرورات العرض الجيد. نتذكر جميعا توجيهات خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله - لحل جميع المساهمات المتعثرة وآخرها صدور قرار مجلس الوزراء رقم 130 القاضي بتشكيل لجنة برئاسة معالي وزير التجارة والصناعة وعضوية عدد من وكلاء الوزارات من بعض الجهات المعنية وهو الأمر الذي يؤكد حرص خادم الحرمين الشريفين وحكومته على إيجاد الحلول للمساهمات المتعثرة. نتذكر كل ذلك ونضع موضوع هذه المساهمة المعقدة والمتعثرة أمام الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، ومعها آمال 2500 مساهم منهم الأرامل والأيتام وأصحاب الدخل المحدود. تعثرت هذه المساهمة كما يبدو ليس بسبب سوء نية أحد، بل بسبب أنظمة لم تكن مرنة بما يكفي لتستوعب جميع الحالات الشائكة وهذه المساهمة واحدة منها.
هذا والله أعلم وهو من وراء القصد.