أحلام وزارة الصحة

مثلما أن وزارة الصحة من أوائل الوزارات التي أنشئت في المملكة فإن تصحيح مسارها وإصلاح شؤونها من الأمور الصعبة والذي يكلف كثيرا، وفعلا أحمد الله أنني لست في كرسي معالي وزيرها الدكتور حمد المانع، أعانه الله، وأحمد الله أنني لا أتعامل مع هذه الوزارة لأن عملي يؤمن مصاريف العلاج، ولكن قلبي يتقطع عندما أرى الآخرين في المستشفيات الخاصة وهم يشاركوني ألم أولادهم أو أقاربهم وفوق ذلك ترى وجوههم تصفر وتخضر وينشف ريقهم وهم يسمعون المبالغ المطلوبة لإجراء عملية أو للتصوير المغناطيسي والأشعة وغيره، فلا تكفيهم آلامهم بل يفكرون من أين يحصلون على هذه الأموال لعلاج أبنائهم أو زوجاتهم وكلهم من أبناء هذا الوطن، فكيف بالمقيمين النظاميين وغيرهم. وإنني أشارك الوزارة ومجلس الوزراء القرار الخاص بنظام الضمان الصحي التعاوني الذي يهدف إلى توفير الرعاية الصحية وتنظيمها لجميع المقيمين غير السعوديين، وقد صرح معاليه لجريدة ("المدينة" 3/6/2008) أن عدد من طبق عليهم التأمين من المقيمين وصل إلى أربعة ملايين شخص "كما صرح" أن آلية تطبيق الضمان الصحي على العمالة المنزلية من خدم وسائقين في مراحلها الأخيرة وتجري مناقشتها حاليا في هيئة الخبراء. وأضاف أن هناك اقتراحين أولهما أن يتم التأمين عن هذه الفئة بمبلغ 500 ريال سنويا تدفع لوزارة الصحة التي تقوم بتأمين العلاج لهم في مرافقها والآخر دفع 1200 ريال لشركات التأمين التي تؤمن لهم العلاج في مستشفيات القطاع الخاص إضافة إلى مرافق وزارة الصحة والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تقدر المستوصفات والمراكز والمستشفيات التابعة للوزارة من حيث العدد على تقديم الخدمة الطبية للمواطنين؟ ثم هل هي بالمستوى المقبول؟ إن عزاءنا الوحيد في كون الأطباء السعوديين في المستشفيات الحكومية هم وحدهم على أرقى المستويات, فيما أكثر المستقدمين (إن صحت شهاداتهم)، فهم على مستوى رواتبهم. فأية مرافق لوزارة الصحة قادرة على استقبال العمالة المنزلية أو جزء منها؟
من ناحية أخرى, كم مستشفى بنته الوزارة في منطقة مكة المكرمة وفي غيرها من المحافظات خلال الـ 15 عاما الماضية؟ باستثناء المستشفيات العسكرية والحرس الوطني و"التخصصي" وما في حكمها والتي لا تتبع لوزارة الصحة فضلا عن أنه بالكاد تغطي مسؤولياتها وتحتاج إلى وساطة للدخول إلى معظمها. أما مستشفيات وزارة الصحة فما زالت قليلة وعن خدماتها فحدث ولا حرج، ولنأخذ مستشفى الملك فهد في جدة أو مستشفى الولادة أو مركز الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى الملك فهد أو مستشفى العيون في جدة، وتدني مستوى الخدمة التي تقدم ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية والأجهزة وخلافه وأزمة المواعيد للعمليات بالأشهر؟ ونقص وضعف الكادر التمريضي والكادر الطبي وخصوصا في المناطق النائية؟ ولنأخذ مركز الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى الملك فهد في جدة مثالا، كم عدد الحالات التي تحول إليه من تبوك إلى حدودنا مع اليمن وكم عدد المعينات السمعية (السماعات) التي تقدمها الوزارة لهذا المستشفى وهل تفي بحاجة المرضى. أليس من الأجدى أن تؤمن السماعات أو يخصص مخصص مالي تحت إمرة المستشفى، فقط ليأتي مفتشو وزارة الصحة ليروا كم حالة يطلب منها أن تشتري الدواء من الخارج لعدم توافره.
كم أشعر بالخجل عندما أرى مواطنين يأتون بزوجاتهم وبناتهم وأولادهم إلى جدة للعلاج محالين من مستشفيات الوزارة أو مراكزها الصحية من الشمال والجنوب لعدم وجود - على الأقل -، مستشفى مركزي متخصص في مناطقهم. وبالتأكيد فإن الوزارة أعلم بالوضع في المنطقة الشرقية والشمالية وغيرها من المناطق. هل يعقل ألا توجد مستشفيات عيون مركزية في تبوك وفي جازان وفي أبها.
إن قائمة انتظار المرضى لإجراء عمليات زراعة القرنية في مستشفى العيون في جدة تزيد على السنة أو أكثر وجميعهم من كبار أو صغار السن، مع وجود الكفاءات العلمية في المستشفى ويرجع ذلك إلى قلة عدد المتبرعين بالقرنيات إضافة إلى أنه لا توجد اعتمادات مالية للمستشفى لشراء قرنيات من بنوك العيون خارج المملكة، بينما توفر لمستشفى الملك خالد للعيون في الرياض. فلماذا لا توفر الاعتمادات نفسها لمستشفى العيون في جدة، حتى عن طريق مستشفى الملك خالد للعيون وقائمة انتظار المرضى تزيد على 100 مريض.
إننا في أمس الحاجة إلى إنشاء مستشفى للعيون في مكة المكرمة وكذلك مستشفى للعيون لكل من المدينة المنورة وتبوك وأبها وجازان.
هل تعتقد الوزارة أن الأسعار التي تقدمها المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة مناسبة للخدمة التي تقدمها. إن بعضها أغلى من المستشفيات الأوروبية، لماذا لا تقدم الوزارة القروض للمستثمرين في القطاع الصحي وتشجيع المشاركة الأجنبية الطبية للارتقاء بالخدمة الطبية في المملكة للمواطن والمقيم ؟ ونعلم أن هذا ليس بالسهل.
ألم يحن الوقت لبناء مستشفيات للرجال والنساء لمعالجة مرضى الإيدز ومدمني المخدرات والمسكرات مجانا في جميع مناطق المملكة. وماذا عن مستشفيات الصحة النفسية أم لا حاجة لنا بها؟
إن ما تقدمه وزارة الصحة من خدمات للمواطنين لا يرقى إلى الحد المقبول. فهل ستحسن الوزارة من خدماتها وأدائها أم أنها ستترك مهمة العلاج لمستشفيات ومراكز القطاع الخاص؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي