الهوايات الطارئة

يتمتع الإنسان بقدرة عجيبة على التخلص من أثقال الهموم من خلال هروب متقن يتمثل في هواية طارئة أو نوم أو تجاهل، حيث إن الوقت الحالي مملوء بوجع وضجيج والتزامات ثقيلة، لذا فإن جدولة كل هذا تميل بالرأس لصداع طويل، قل من يستطيع أن يزيله بهدوء فكرة ونظام يأتي كالعلاج، ولعل أكثر ما أدهشني تلك الهوايات الطارئة التي يمارسها الإنسان دون أن يعرف لماذا يمارسها، فتجده تارة يمارس رياضة لم يسبق أن مارسها أو يتجه بأصابعه للرسم أو يبدأ في قراءة علم على أمل أن يتقنه وما إن يمضي الوقت حتى يهمل كل ذلك ويعود لعاداته السلوكية من جديد، وهذا المرور الذي لا يشبه "مرور الكرام" ما هو إلا مهرب يعود منه الإنسان بمجرد أن تزول ضغوطات التفكير التي جعلته بالفعل يمارس هواية تنسيه "الصداع" وأقول هواية لأن ملامحها بداخله تشبه البذور المرتبكة التي كانت تحتاج لمن يصححها أو ينميها كي يتقنها حاملها.
ماذا لو استغل هذا الإنسان هواياته الطارئة "السليم منها طبعا" وأدخلها معترك صراعاته لتصبح حلا ينقله من ظلام الأزمة لصباح الحلول، فالتعامل مع معطيات الداخل أمر مهم لم نعتده لأسباب كثيرة، أهمها أشكال تربيتا التي باتت محددة وكأنها قانون وكذلك مناهجنا التي تعتمد على التلقين وصب المعلومة وكأن الرأس وعاء يبحث عما يملؤه فقط.
ارصدوا ما بداخلكم حتما ستجدون كثيرا من الأسرار وكثيرا من المتعة وكثيرا من الحلول وكثيرا من المعطيات وكثيرا من المشاريع، واستغلوا كل هواية طارئة.
أحدهم انحاز للقراءة كمهرب من هم البطالة، بعد سنوات ألف رواية كسب من ورائها ملايين الدولارات، سدد ديونه وأغمض عينيه يبحث عن هواية أخرى تنسيه ملل الترف.
الإنسان: يعود للداخل كي يخرج من جديد بعد أن اصطاد العمق.
سؤالي: متى نبدأ في منهجة كل شيء على أساس يهتم بالداخل والإنسان لتصبح حتى الهوايات الطارئة طائرة سفر لنجاح؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي