نتائج ميزانية الكويت للسنة المالية 2007 و2008
جاءت نتائج ميزانية الكويت للسنة المالية 2007 و2008 مفاجأة من حيث الشكل وليس المضمون. والإشارة هنا بالتحديد إلى الارتفاع النسبي في الإيرادات من جهة مقابل انخفاض المصروفات من جهة أخرى. حقيقة القول، جميع التوقعات كانت تشير إلى تطبيق المعادلة التقليدية التي تتمثل في ارتفاع الإيرادات وانخفاض المصروفات ومن ثم تحويل العجز المتوقع إلى فائض. بيد أنه لم يكن متوقعا أن يزيد الدخل بأكثر من ضعف الرقم المعتمد.
كما هو الحال مع قطر، تبدأ السنة المالية في الكويت في نيسان (أبريل) وتنتهي في آذار (مارس). لكن خلافا لقطر، تتميز الكويت باقتطاع 10 في المائة من إيرادات الخزانة العامة للدولة لصندوق خاص للأجيال المقبلة. يهدف هذا البرنامج المنقطع النظير إلى ضمان حصول الأجيال المقبلة على حقهم من خيرات البلاد.
زيادة كبيرة في الإيرادات
قدرت الحكومة إيرادات ميزانية السنة المالية 2007 و2008 بنحو 31 مليار دولار. بيد أنه ارتفع الرقم الحقيقي إلى 72 مليار دولار ما يعني تسجيل نسبة نمو قدرها 130 في المائة. كما يزيد هذا الرقم بواقع 24 في المائة عن حجم الدخل الحقيقي للسنة المالية 2006 و2007 والذي بدوره بلغ 58 مليار دولار.
في التفاصيل، ارتفعت إيرادات القطاع النفطي للسنة المالية 2007 و2008 بنحو 138 في المائة إلى نحو 67 مليار دولار (الأعلى على الإطلاق في تاريخ ميزانيات الكويت). وبدى واضحا بأن القطاع النفطي كان مسؤولا عن زيادة ارتفاع دخل الخزانة. وتتمثل المصادر الأخرى للإيرادات في العائد على الاستثمارات فضلا عن مبيعات الحكومة من السلع والخدمات والتعرفة المفروضة على الواردات.
اقتصاد النفط
تؤكد الإحصاءات المشار إليها الاعتماد النسبي الكبير للاقتصاد الكويتي على القطاع النفطي. فقد أسهم دخل القطاع النفطي بأكثر من 92 في المائة من مجموع الإيرادات ما يجعل الاقتصاد الكويتي تحت رحمة التطورات في أسواق النفط. تعد الخزانة العامة في الكويت الأكثر اعتمادا على النفط بين شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي. يشكل الدخل النفطي نحو ثلاثة أرباع إيرادات الخزانة في البحرين.
افترضت الحكومة متوسط سعر منخفض جدا للبرميل مقارنة بما هو سائد في العالم. فقد تم افتراض متوسط سعر قدره 36 دولارا للبرميل. بالمقابل، بلغ متوسط سعر النفط الكويتي 75 دولارا للبرميل أي أكثر من ضعف السعر المفترض. تنتج الكويت نحو مليونين ونصف المليون برميل من النفط الخام يوميا.
تراجع المصروفات
بالمقابل، كان مفاجأ حدوث تراجع نسبي في حجم المصروفات. تشير التقديرات الأولية إلى قيام السلطات بصرف نحو 28 مليار دولار فقط مقارنة بـ 42 مليار دولار حجم المصروفات المقدرة. بيد أنه من الممكن أن يرتفع الرقم النهائي للمصروفات وذلك بعد إجراء بعض التعديلات.
عموما يعتقد أن معضلة عدم صرف الأموال المخصصة تعود في جانبها إلى محدودية الطاقة الاستيعابية مثل نقص المقاولين فضلا عن المشكلات التي تعترض مسألة توافر مواد البناء. كما أن تقليص الصرف يخدم هدف آخر ألا وهو الحد من التضخم الذي يراوح في حدود 5 في المائة. كما هو الحال مع الدول الأخرى في مجلس التعاون الخليجي، يشهد الاقتصاد الكويتي حركة غير عادية في قطاع الإنشاء والتعمير وذلك على خلفية توافر السيولة (شكرا لارتفاع الفوائض النفطية) فضلا عن تراجع معدلات الفائدة.
يعتقد أن السلطات الحكومية تعمدت تبني رقم محافظ لأقصى حد ممكن لسعر النفط لهدف التكيف مع مطالبات مجلس الأمة بزيادة رواتب موظفي القطاع العام. المعروف بأن نحو 90 في المائة من العمالة الوطنية في الكويت تعمل في المؤسسات التابعة للدولة. وسيذهب الناخبون الكويتيون إلى صناديق الاقتراع في أيار (مايو) المقبل لانتخاب مجلس تشريعي جديد.
فائض مالي ضخم
ومن المتوقع أن يتم تسجيل فائض نسبي كبير في ميزانية السنة المالية 2007 و2008 (يعتمد الأمر في جانبه على الرقم النهائي للمصروفات). وكانت الحكومة قد افترضت تسجيل عجز بنحو 11 مليار دولار. عموما، يعد الفائض الجديد المرة التاسعة على التوالي التي يتم فيها تسجيل فائض. وقد بلغ مجموع الفائض الذي تحقق في ثماني سنوات مالية نحو 73 مليار دولار. وكانت الميزانية الكويتية قد سجلت فائضا قدره 18.5 مليار دولار في السنة المالية 2006 و2007 مقارنة بفائض قدره 24 مليار دولار في السنة المالية 2005 و2006 أي الأعلى في تاريخ الميزانيات العامة في الكويت.
المطلوب من السلطات في الكويت توظيف الفوائض النفطية لتحقيق هدف جوهري وهو تحقيق تنوع اقتصادي بعيدا عن القطاع النفطي. بيد أنه يصطدم هذا المطلب مع تحد آخر يتمثل في عدم تعقيد معضلة ارتفاع الأسعار. لربما توصل المسؤولون في الكويت إلى قناعة مفادها أنه ليس من الصواب تسجيل نمو في الناتج المحلي الإجمالي على حساب حدوث تدهور في مجال التضخم, كما هو معروف، ويعد التضخم العدو الرئيس لأي اقتصاد.
عضو مجلس النواب في البحرين