المتاجرة بالهموم
تقوم العديد من البرامج التلفزيونية على المتاجرة بهموم الإنسان، حيث تكرس جهودها وخططها للنيل من "جيوبه" وإن آتت الخطط ثمارها، بحثت عن أفكار جديدة واتجهت لفضيحة أسراره وخصوصيات فقره كي تستفيد وتدعم وهج حضورها أمام "السادة المشاهدين"، فهذا أحد البرامج يدعي قدرته على توفير حياة أفضل "للإنسان" من خلال ضربة حظ قد تصيب وقد تخيب، وآخر يوهم المشاهد بأن مرحلة الرفاهية ستنطلق من خلال الإجابة على سؤال ليس له إجابة أصلا، وهنا يستنزف "جيب" الإنسان بقايا راتب الشهر أو ما اعتاد على توفيره من "ملاليم" للأزمات الطارئة، كي يدفع "فواتير" اللعبة، والملاحظ أن الإعلام الفضائي يستند إلى "مزاج" غير قابل للرقابة على الأقل الذاتية منها، لذا فإنه يضرب الأخماس بالأسداس ليلتقط فكرة ربحية معجونة بعرق هذا الإنسان، ورغم أن الرقابة الإعلامية نوع من الرجعية خاصة في الدول المتقدمة حيث إن أساس الإعلام الحديث ينطلق من ثقة وحرية ومسؤوليات ما بعد النشر إلا أن الوضع الحالي يحتاج إلى فرض ضوابط تحمي "جيب الإنسان" خاصة وأن عقله بدأ يتماهى مع مشاهد "الهز" وأصبح من الصعب أن يركز فيما ينفعه نتيجة "الاهتزاز" الدائم، بمعنى "عليه العوض ومنه العوض"، وقد يكون تحول نوعية البرامج ذات الفائدة المادية للمشارك من "المسابقات" إلى "شختك بختك" ومن ثم أنثى تتلوى بأسلوب قذر لتغري على المشاركة والاتصال، يعود لسهولة الحصول على مساحة فضائية مدعومة بعض الأحيان من حكومات وأحيانا أخرى من رؤوس أموال عالية جدا، وهنا حين تتساوى السلطة بالمال، يصبح مقدار "القوة" واحد، وعليه غابت قدرة المساءلة والإيقاف والمعاقبة وأخذ التعهدات على عدم تكرار هذه الألعاب التي انحدرت بمستوى الاهتمام وباتت ثقافة المشاهد تتلخص في معرفة أسماء الفائزين وأرقام التصويت وكيفية بعث رغبة المشاركة في برنامج ما.
وحيث إنني على يقين أننا لن نكون أصحاب قدرة على تحسين وضع كهذا كون أغلب القنوات المقصودة هي برأسمال سعودي وأن المستهدف في النهاية هو هذا الإنسان "السعودي" سأدعو الله سبحانه وتعالى أن يصبرنا على هذا "الضياع" ويهدي من ضل، ويوسع هامش حرية الكتابة كي نكون أكثر قدرة على "تعرية "أصحاب تلك القنوات، ونسمي الأشياء بأسمائها، كما لم يحدث في هذا المقال. والله ولي التوفيق.