(( إرهاب)) لابسات البراقع يفتك بالقلوب

البرقع "لغة" هو غطاء للوجه تلبسه (المرأة) فيغطي وجهها... وكانت المرأة في الديانات السماوية وأيام الجاهلية (تخفي جمالها) حتى لا يكون (لغما) يفجر المشاعر غير الموثقة بالتقوى.

وكانت المرأة عند "اليهود" في إصحاحاتهم المتعددة التي قالت (إن الله سيعاقب بنات صهيون على تبرجهن والمباهاة بخلاخيلهن بأن ينزع عنهن الخلاخيل والحلق و"البراقع" (وكيف سيعاقبون اليوم بعد أن خلعوا ما لا يخلع)؟!

وكان عرب الجاهلية - بعضهم من بقايا دين إبراهيم عليه السلام، يعظمون البيت الحرام والطواف والوقوف بعرفة ومزدلفة كما يوجد عندهم الحجاب بأنواعه ومن أنواعه (نقاب الوجه) - البرقع-.

وقد وصف الشاعر النابغة الذبياني زوجة لقمان بن المنذر حين سقط (برقعها) قائلاً:-
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته وأتقتنـــــا باليد

وأكثر الشعراء في العصور الإسلامية والعصر الحديث هزت (البراقع) مشاعرهم، ومنهم عنترة بن شداد الذي قال:-
سقي الخيام التي نصبن على شربة الأنس وابل المطر
منازل تطلع البدور بهــا مبرقعات بظلمـة الشعر

وقد وصف الملك الأمجد مبرقعة بقوله:
مرت بنا حوراء يرشق لحظها قلب المدله من وراء (البرقع)
وكيف هاجت مشاعره عندما تزحزح "البرقع" عن ثغرها فقال:
لقد شاقني البرق لما بــدا خلال الدجى ومضه يلمــع
فاذكرني ثغر سعدي فقــد تزحزح عن (برقه) البرقـع

ولكن خليل مطران قال إن (البرقع) لا يحجب عن الجميلة أشعة حسنها الفتاكة عندما قال:-
إذا بدت حسناء في برقع لم يحجب البرقع منها الشعاع
أمـا التي أمنها ربهــا أن تفتن الناس ففيم القنــاع؟

والشاعر ظافر حداد أصبح (سبيا) لشادن قال عنها:
فسبتك لمحة شادن من (برقع) وتصرفت بك في الظنون فنون
ويقول أيضا:
لعمرك لو نظرت مقلتاك فتور العيون من (البرقـــع)
وكيف يصيد الغزال الهزير ويسطو الضعيف على الأروع
هو الحب إن كنت في أسره فذل لأحكامه واخضــــع

ومثل ظافر الحداد الشاعر الأندلسي ابن حمديس الذي يعترف بخيبة دفاعاته المادية (الترس والدرع) عندما مزقت قلبه (أسهم العيون) فقال:
لو لم تكن أعينهم أسهما ما خرقت في جانب "البرقع"
كيف تخطين إلى مقتلي وما درى تـرس ولا أدرع

بينما الشاعر أحمد تقي الدين يتساءل عن احتجاب الطاهرة في "برقع" قائلا:_
أزنبقة الحقل عم احتجبت أحفظ الطهارة في (برقع)؟
غطاؤك يا زهرتي سافر بطيب شذاك فلا تفزعي
ويا بنت أمي أميطي اللثام فأنت من الصون في (برقع)

ولأن ضحايا "لابسات البراقع" ألهبوا أحاسيس الشعراء منذ أيام الجاهلية ويمثلهم الشاعر الجاهلي الشماخ الذيباني (22 هـ - 642 م) الذي استغرب "سفور ليلاه" قائلا:
وكنت إذا جئت ليلى تبرقعت فقد راني منها الغداة سفورها
حمامة بطل الوادين ترنمي سقاك من الغّر الغوادي مطيرها

وقد كرر نفس الشكوى ونفس الكلمات كل من الشاعر المخضرم توبة الخفاجي (85 هـ - 704 م)... وكذلك مجنون ليلى الذي قال:
لكل لقـاء نلتقيه بشاشـــة وإن كان حولا كل يوم أزورها
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت فقد رابني منها الغداة سفورهـا
وقد رابني منها صدود رأيتـه وإعراضها عن جانبي وبسورها

وما زال التحقيق مستمرا مع إرهاب البراقع.. فإلى العدد القادم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي