إهدار المال العام
[email protected]
أكثر ما يؤرقني ويشغل بالي وينغص حياتي هو ما أراه وأسمعه من استهتار الكثير بالأموال والممتلكات العامة وللأسف لا تزال أسطوانة "لا يهمك .. حلال الحكومة" شغالة لدى الكثيرين رغم انتهاء عصر الأسطوانات حيث الـ DVD وهؤلاء الذين يمارسون في مكاتبهم أو في أعمالهم أو في الشارع اللامبالاة بالأموال والممتلكات العامة ينبغي أن يُضرب على أيديهم بشدة فالأموال والممتلكات العامة ينبغي أن تُحفظ وأن تُصان وأن تُصرف في مكانها الصحيح.
لكن أن ينتشر بين الكثير من مسؤولين أو مواطنين عدم تحمل الأمانة وصونها ومحاسبة النفس في كل صغيرة وكبيرة فهذا والله نذير شؤم على من يستهتر بما أؤتمن عليه. لقد صُعِقت وأصابتني الرعشة عندما سمعت أنه تم تجديد عقد إيجار مقر إحدى الدوائر الحكومية لعام جديد بنحو 70 ألف ريال رغم أن الدولة - أعزها الله - أقامت مبنى حديثاً وجميلاً وعلى شارع عام منذ نحو سنة وهو جاهز للانتقال إليه. قد يكون حسبما نسمع فيه بعض النواقص مثل غرفة للحجز أو أن شبكة الحاسب الآلي لا تعمل أو غير مطابقة. كل هذه النواقص البسيطة يمكن حلها في وقت بسيط ومبلغ الإيجار يبني بدل الغرفة غرفتين وشبكة الحاسب يُلزم المقاول المنفذ بعملها وفي أسرع وقت حسب المواصفات التي في عقد التنفيذ. كل هذه حجج واهية وإهدار لأموال البلد وبيروقراطية مدمرة لاقتصاد وأموال الدولة. لدي قناعة تامة أن سمو الوزير وسمو نائبه وسمو مساعد الوزير لو علموا عن هذا الهدر المالي وهذه اللامبالاة لن يرضوا لأنهم أحرص الناس على المال العام لكن المشكلة تكمن فيمن أوكلت إليهم هذه الأعمال ولم يؤدوها كما ينبغي.
حديثي عن مبنى شعبة الجوازات في شقراء. فالمبنى جاهز ومع ذلك جُددّ عقد الإيجار للمبنى المستأجر. أيضاً دار التربية الاجتماعية للبنين في شقراء جُددّ عقد إيجار المبنى المستأجر بنحو 100 ألف ريال رغم أن المشروع جاهز وجار تأثيثه بتبرع سخي من مؤسسة الجميح الخيرية, مبنى متكامل المرافق والخدمات. فلماذا يُجدد عقد المبنى المستأجر وتُهدر الأموال. يتحججون بالأثاث إن كانت هذه هي الحجة فعليكم نقل الأثاث القديم للمبنى الجديد حتى يأتي الأثاث الجديد من المتبرع. وإن كانت الوزارة جادة فتؤثثه على حسابها بقيمة الإيجار الذي دُفع لصاحب البيت المستأجر. هذان نموذجان تحت بصري وأكيد أن هناك العديد من النماذج لإهدار حلال الحكومة وعدم المبالاة في صرف الأموال العامة في غير أماكن الصرف الواجب صرفها فيها. صحيح أن بلادنا في خير وفير لكن بالشكر تدوم النعم. أما التصرف بهذا الشكل ودفع المبالغ الطائلة كإيجارات لمساكن مواطنين يوجد مشاريع حكومية أو مُتبرع بها بديل لها على أحدث طراز فهذا والله جحود النعمة ومن يتسبب في ذلك فهو في خطر أن يقع عليه عقاب جاحد النعمة.
أعلم علم اليقين أن ولاة الأمر في هذه البلاد لا يرضيهم ما يحصل من البعض من هدر للأموال العامة ولكنهم ليسوا شمساً تشرق على كل بقعة في هذه البلاد حتى يعلموا بمثل هذه الممارسات فهم - جزاهم الله خيراً - قد أوكلوها لمن يُفترض فيهم حفظ ما أوكِل إليهم وصونه والتعامل معه وكأنه مالهم الخاص وليس كما يقال "حلال حكومة".