كثير من الطمع .. كثير من الخسائر!

[email protected]

قبل أعوام قليلة كان الشأن المجتمعي وما يمر بهذا المجتمع من أحداث ومتغيرات هما المسيطران على الخطاب السعودي، في الإعلام والمجالس وتكيات الاستراحات والمنازل .. لكن الآن تغير الوضع، وأصبح الشأن الاقتصادي هو السيد والمسيطر، فمن نكسة شباط (فبراير) السهمية إلى سقوط أيار (مايو) ومن ارتفاع سعر الأرز إلى زيادة الرواتب.. لا شأن أهم من الشأن الاقتصادي، ولا حديث يفضل عليه، تنوعت الأحاديث وباتت ذات شجون تتخللها القصص والاستشهادات الحية ، حتى النساء بات نصيبهن كبيرا في الحديث .
وفي الشأن الاقتصادي أصبح السؤال ظاهراً وبعلامة استفهام كبيرة: هل أخذنا العبر فيما يخص شأننا الاقتصادي؟ وهل بتنا أكثر نضجاً؟ .. الاعتقاد الأكبر أن الجميع قد تعلم الدرس.. من خلال الاندفاع المحموم والسير خلف الإشاعات والمنظرين الأمر الذي أصبح من الماضي، ولاسيما أن معظم المساهمين ممن بات لا يضع كل بيضه في سلة واحدة وسياسته العامة قليل للأسهم وكثير يدخر للزمن .. لكن اللافت أن هناك إشكالية حضرت من جراء ذلك وباتت مقلقة وضارة بسوق الأسهم وهي الهروب الجماعي فحين أي هبوط للسوق، تجد الجميع يفرون زرافات خوفاً من (فبراير) جديد، ليزداد السقوط وبما يؤثر في المؤشر والأسهم معه .. هذا الأمر يحدث من جراء بيع عشوائي ضار .. وكأن المساهمين لم يتعلموا أن تذبذبات الأسعار سمة ملازمة للسوق وأنها من الإيجابيات .
ومن المصادفة أنني كنت أستمع لأحد المحللين الاقتصاديين العرب متحدثا عن المتعاملين في سوق الأسهم بقوله: إن أفضل المستثمرين هو أحد اثنين أحدهما من يكتفي بهامش ربح بسيط مستمر يضفي على تعامله استمرارية،والآخر صاحب استثمار طويل المدى، لا يعنيه ما يحدث من تذبذب، وكلاهما يعطي السوق التوازن المطلوب في ظل أن من يفعلون ذلك هم السواد الأعظم المحرك لأسواق المال ".. انتهى ما نقلته عنه، والأكيد أن الكر والفر سياسة جيدة تمنح التوازن وتعطي الثبات للسوق حتى في حالة الانخفاض ، أما سياسة "عض شليلك وهج" وهي التي تفرغ السوق من السيولة فهي التي تؤثر باستمرار في السوق وهي ما يجعله صعب التعامل في أحايين كثيرة.
بصراحة القناعة هي ما يقود إلى استثمار جيد، والمندفعون طمعاً وشراهة هم من يدفع الثمن دائماً، فهامش ربح في بعض الريال أفضل بكثير إذا ما تكرر وفق مقولة "ربح قليل مضمون أفضل من كثير مهدد".
أستميح القارئ عذراً فيبدو أن أزمة الأسهم التي مررنا بها قد جعلت من بعضنا دراويش ومن الآخرين فلاسفة ومنظرين وبين الاثنين مفلسين خائفين .
لا ألوم نفسي ولا الآخرين تجاه ما يحدث في السوق، لكن لنعتبرها أزمة مرت ونتعلم منها، ولاسيما أن اقتصادنا بات قوياً جداً، وسوق الأسهم موعود بانطلاقات إيجابية كبيرة .. وحسب رأي أحد المحللين " إذا ما تعامل الجميع مع السوق بهدوء وروية تحت إدارة سوق قوية لا تتنازل ولا تنضوي تحت أي هامور أو مروج أخبار مهما كان حجمه.. فحجم الأرباح سيكون مضرب مثل للتاريخ".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي