تعليمنا في انحدار
لم أستغرب حصول بلادنا على المرتبة 114 في مادة الرياضيات والمرتبة 103 في مادة العلوم على مستوى العالم وحمدت الله أن التقرير لم يذكر المرتبة التي حصلنا عليها في الحاسب الآلي أو في اللغة الإنجليزية لأنها ستكون في مؤخرة الترتيب. والسبب طبعا في تلك النتائج المتدنية يعود إلى الأساليب المتبعة في بناء مناهج هذه المواد وطرق تدريسها وضعف مستوى معظم المعلمين والتركيز الكبير على مواد لا تعود على الطالب بالنفع والفائدة مستقبلا، مثل مواد الأدب والتاريخ والجغرافيا التي تُمجد الشعر والشعراء ومعلقاتهم وهجاء بعضهم بعضا والتفاخر بالقبيلة أو سرد قصص الغزوات والحروب من داحس والغبراء إلى حرب البسوس وما يصاحب تلك القصص من أساليب القتل والسبي وأخذ الغنائم وغيرها من ممارسات تغذي لدى الشاب نزعة التقليد والاقتداء بهؤلاء في حُب القتل والنهب إلى حشو رأس الطالب بمعلومات لا يستفيد منها مثل مساحة كل دولة من دول العالم وعدد سكانها ومدنها وقراها وماذا تصنع وماذا تصدر وماذا تستورد وكأنه أمين عام الأمم المتحدة أو رئيس صندوق النقد الدولي. هذه المواد التي تكسر ظهره وتحشو رأسه تستحوذ على أكثر من 30 في المائة من مجموع الحصص لنكتشف بعملية حسابية بسيطة أن الرياضيات والعلوم والحاسب والإنجليزي لا تحصل إلا على 10 في المائة من مجموع الحصص. حيث إن مواد الدين والنحو واللغة العربية والتربية الفنية والرياضية تستحوذ على 60 في المائة من مجموع الحصص. إضافة إلى أن مناهج الرياضيات والعلوم لم تبن بطريقة علمية بسيطة ومتدرجة يسهل استيعابها وفهمها. كما أن معظم المعلمين الذين تُسند إليهم تدريس مواد الرياضيات والعلوم والحاسب واللغة الإنجليزية لم يتلقوا التدريب والتطوير المطلوب للرفع من مستواهم لمواكبة مستجدات تلك المواد فتجدهم غير قادرين على إيصال المادة بالشكل المناسب لأذهان الطلبة، لذلك انتشرت في بلادنا الدروس الخصوصية التي سببها الأول والأخير ضعف مستوى المعلمين في تلك المواد. وكلنا يشاهد هذه الأيام الطلب المتزايد على المدرسين الخصوصيين نظرا لضعف محصلة الطلاب وعدم استيعابهم لها رغم المدة الطويلة التي أمضوها في المدرسة مع معلميهم. نخرج من هذه المراتب المتدنية لطلابنا في مادة الرياضيات ومادة العلوم أن كل هذه المليارات؟ التي يتم رصدها للتعليم لم تستطع تطويره وتحسينه، إذن أين تذهب تلك المليارات إذا لم ترفع مستوى التعليم لدى الطلاب. عندما أشاهد الشاحنات وهي تدخل إلى إدارات التعليم محملة بالأثاث على مختلف أصنافه وأنواعه يتبادر إلى ذهني إلى أين تذهب المليارات إنها تذهب إلى مصانع الأثاث ومصانع الأدوات والآلات المكتبية. عندما أشاهد الترميم مرتين لمدرسة واحدة خلال سنة أعرف أين تذهب المليارات. فهي لا تذهب لتطوير مستوى الطلاب والمعلمين وإنما تذهب لتطوير وزيادة دخل تلك المصانع ومؤسسات الترميم، أما الطالب والمعلم فيكفي لتطويرهما دخل المقصف المدرسي ولهذا سيظل التعليم لدينا في انحدار ولعلنا نحافظ على الترتيب 114 وألا نحقق العام المقبل ترتيباً لا يكون خلفنا أحد.