التمني يرفع مستوى التضخم
طبعا لا أحد يتمنى استمرار ارتفاع نسب الغلاء وأقول الغلاء لأن مصطلح التضخم ليس له تعريف واحد وقد نحتاج إلى دراسات ميدانية عميقة لكي يتم تحديد نوع التضخم وأسبابه. ولكي نستطيع اختيار خطوات العلاج المناسبة يجب تحديد ما هو المقصود بالتضخم، هل هو ارتفاع تكاليف الإنتاج ؟ أم هو الغلاء أي ارتفاع شامل في أسعار السلع والخدمات؟ أو أن هناك حدوث تحسن مفاجئ في القوة الشرائية للأفراد بشكل يربك معادلة العرض والطلب ؟
وبالنسبة لنا كمجتمع استهلاكي ونقوم باستيراد احتياجاتنا من الخارج ليس بغريب أن تنتقل لنا العدوى ويصاب اقتصادنا بنوع أو آخر من أنواع التضخم. لكن حتى بما يخص الغلاء يبدو أننا لم ننسه خصوصيتنا ويبدو أننا تميزنا عن الآخرين بحدة وسرعة ارتفاع الأسعار. وليس هذا فقط بل أن بعض التجار لدينا يتميزون بقدرتهم على الاستمرار في رفع نسب الهوامش الربحية المستهدفة رغم الانخفاض الحاد في القوة الشرائية لأفراد المجتمع. فالكل يعلم أن القوة الشرائية للريال تراجعت بما يزيد عن الـ40 في المائة وأن دخل الفرد لم يرتفع إلا أخيرا وبنحو 15 في المائة وبنفس الوقت فقد الكثيرون من أفراد المجتمع جزء من مدخراتهم خلال كارثة الأسهم عامي 2005 و2006م. ولهذا أرى أننا بحاجة إلى دراسات ميدانية وشفافة لمعرفة الحقائق حول جميع المتغيرات كارتفاع أو انخفاض نسب الطلب وما يقابلها من تفاؤل أو تمنيات التاجر بأن يقبل المستهلك الزيادات المتكررة في أسعار السلع. أضف إلى ذلك يجب معرفة مدى تأثير ارتفاع أسعار البترول و نمو الاقتصاد الوطني في نفسية التاجر خاصة عندما يقوم القطاع العام بضخ سيولة ضخمة وبشكل سريع في داخل الدورة الاقتصادية. وقد تبين أن النمو الاقتصادي يصاحبه شعور بالتفاؤل وتزين الحالة النفسية للمجتمع مما يجعل بعض التجار يبالغون في تمنياتهم أن يزداد الطلب ويتم قبول زيادة الهوامش الربحية.
وبما أن هناك عوامل أخرى لها تأثير مباشر وسريع في اتجاهات الأسعار والتضخم كالسياسة النقدية والمالية المتبعة أرجو ألا تعتمد الجهات المعنية في تصديها لظاهرة التضخم على التمني وحده، بل إن التمني وكما ذكرت قد يعقد الأمور ويرفع مستوى التضخم.