تضاعف أرباح الشركات يدحض مبرراتها لرفع الأسعار

[email protected]

لا أعرف كيف تتعامل وزارة التجارة مع الشركات المحلية التي ركبت موجة رفع الأسعار؟ وهل تتحاور مع الشركات التي رفعت أسعار منتجاتها بلغة الأرقام أم لا؟ هذا إذا افترضنا أن الجهة المسؤولة عن مراقبة الأسعار تقوم بهذا الدور أصلاً، إلا إنني أعلم أن شركاتنا المحلية ترفع أسعارها في الغالب دون مبررات يمكن الاقتناع بها والدليل على ذلك أن أرباحها تزيد من ربع إلى آخر حتى أن بعضها رفعت أرباحها بنسبة كبيرة جدا خلال العام الفائت بسبب رفعها أسعار منتجاتها في الأسواق المحلية بحجج واهية تتعلق كالعادة بارتفاع المواد الخام في السوق العالمية.
أنا لا أفهم كيف يسمح لشركة ما برفع أسعار منتجاتها في السوق المحلية بحجة أن المواد الخام في السوق العالمية ارتفعت أسعارها في وقت تعلن أن أرباحها تضاعفت أكثر من مرة. واعتقد أن هذا الأمر ينطوي على أحد أمرين، إما أن وزارة التجارة لا يوجد لديها نظام دقيق وفاعل لمراقبة أسعار السلع والمنتجات في السوق المحلية أو أنها تقتنع بما يسوقه مسؤولو تلك الشركات من مبررات دون تدقيق وتمحيص.
فإذا كان الأمر الأول هو الحاصل فعلا فهذا أمر مؤسف ويستدعي تدخلا عاجلا لإصلاح هذا الخلل الإداري حيث إن مراقبة الأسعار ومتابعتها من أبجديات عمل أي جهة مكلفة بحماية المستهلكين من جشع التجار، أما إذا كان ما يحصل هو عدم تدقيق الجهة المسؤولة في مبررات التجار والصناع فهذا أمر مؤسف كذلك، لأن هذا الأسلوب البدائي لا يمكن أن ينجح في إقناع التجار والصناع بالعودة إلى الأسعار القديمة ويضعف موقف الجهة الرسمية التي لا تجد في يدها أدلة قوية تدين بها تلك الشركات.
أعود إلى موضة ارتفاع أسعار المواد الخام التي يسوقها بعض المنتجين المحليين لتبرير رفع أسعار منتجاتهم، وأقول إن وزارة التجارة ينبغي أن تتأكد أولا من ارتفاع أسعار المواد الخام في السوق العالمية فعلا ومن مصدر محايد إذا كان لا يوجد لديها مختصين مؤهلين، وينبغي عليها ثانيا أن تعرف عناصر التكاليف الداخلة في إنتاج المنتج، فربما أن المواد الخام المستوردة من الخارج تسهم بنسبة ضئيلة من تكاليف المنتج الإجمالية وهذا لا يبرر رفع الأسعار إلا بنسبة ضئيلة جدا لا تتفق مع الزيادات الحاصلة فعلا.
فإذا كانت تكاليف المنتج الإجمالية تبلغ عشرة ريالات على سبيل المثال وعادة ما يدخل ضمنها تكاليف استهلاك المعدات وتكاليف العمالة وتكاليف التغليف والمواد الخام وغيرها من المدخلات التي يعرفها محاسبو التكاليف جيدا. وإذا افترضنا أن المواد الخام تكلف ريالين اثنين من إجمالي تكاليف المنتج البالغة عشرة ريالات فإن تأثير ارتفاع تلك المواد الخام بنسبة خمسين في المائة في السوق العالمية سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة المنتج الإجمالية بنحو 10 في المائة فقط، وهذا يعني أن رفع الشركة أسعار منتجاتها بأكثر من 10 في المائة هو استغلال فاضح لا يجوز رغم أن أسعار المواد الخام ارتفعت بنسبة 50 في المائة.
أنصح وزارة التجارة بالحصول على القوائم المالية المراجعة من محاسب قانوني مصرح وأن تطلب كذلك تكاليف المنتجات التفصيلية وتدرسها جيدا قبل أن تجتمع مع ممثلي الشركات وإذا اقتضى الأمر ينبغي أن ترسل محاسبين مؤهلين للتأكد من صحة التكاليف التفصيلية ونسب مساهمتها في التكاليف الإجمالية لأن ذلك سيقوي من موقفها التفاوضي مع المنتجين.
أسعار زيوت الطعام والسكر والكابلات الكهربائية والحديد المسلح والأسمنت تدلل على أن كثير من الشركات تجني أرباحا طائلة على حساب المستهلكين والاقتصاد الوطني الذي يعاني ارتفاع نسبة التضخم، وهو ما قد يكلف خزانة الدولة مبالغ طائلة جدا إذا ما قررت تحسين دخول الموظفين.
شركات الأسمنت أرباحها ضخمة جدا قياسا بحجم مبيعاتها وشركات الكيابل أيضا ضاعفت من أرباحها وشركات إنتاج الحديد المسلح رفعت أسعارها وهذا أدى إلى ارتفاع تكاليف البناء الذي أسهم في ارتفاع أسعار الإيجارات والمساكن، والأمر ينسحب أيضا على شركات الألبان التي ترتفع أرباحها من عام لآخر ومع ذلك تحاول عن طريق رفع الأسعار أن تضاعف تلك الأرباح بحجة ارتفاع المواد الخام في الأسواق العالمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي