أسعار النفط في عام 2008: أسئلة وأجوبة (2 من 2)

[email protected]

* ما توقعات وكالة الطاقة الدولية و"أوبك" وغيرها بشأن الطلب والعرض في عام 2008؟

قبل الخوض في هذه التوقعات لابد من ذكر حقيقة مهمة وهي أن الهيئة العالمية الوحيدة التي تنشر توقعاتها لأسعار النفط هي إدارة معلومات الطاقة في وزارة الطاقة الأمريكية. وكالة الطاقة الدولية و"أوبك" تنشران توقعاتهما للعرض والطلب، ولكنهما لا تنشران توقعات عن الأسعار. أما باقي توقعات الأسعار فإنها تأتي من بعض المراكز البحثية ومن بيوت المال العالمية وشركات النفط الكبرى، وهذه التوقعات ما هي إلا إشارات للاعتماد عليها في قرارات الاستثمار ورسم السياسات، ولكنها لا تعبر عن الواقع بالشكل المطلوب. وهنا لابد من التنويه إلى بعض وسائل الإعلام تخطئ عندما تنشر "توقعات" لصندوق النقد الدولي أو للبنك الدولي عن أسعار النفط. هذه التوقعات منقولة عن إدارة معلومات الطاقة أو بعض بيوت المال العالمية، ولكن لا يقوم أي منهما بتوقع أسعار النفط.

الطلب
تتوقع وكالة الطاقة الدولية زيادة الطلب على النفط بمقدار 2.5 في المائة في عام 2008 ليصل إلى 87.8 مليون برميل يوميا. و تعد هذه الزيادة كبيرة إذا ما قيست بنمو الطلب على النفط في العامين الماضيين حيث ارتفع بنسبة 1.1 في المائة في عام 2007 و 1 في المائة في عام 2006. وتعد تقديرات "أوبك" للطلب متحفظة مقارنة بوكالة الطاقة الدولية، حيث تتوقع نمو الطلب على النفط بمقدار 1.54 في المائة، من 85.74 مليون برميل في عام 2007 إلى 87.06 مليون برميل في عام 2008. وعلى الرغم من أن لهذه التوقعات انعكاسات استراتيجية تعبر عن مصلحة كل منظمة، إلا أن نمو الطلب على النفط في السنوات الأخيرة يشير إلى أن توقعات "أوبك" في هذه الحالة أقرب إلى الصحة من توقعات وكالة الطاقة.

إنتاج خارج "أوبك"
تتوقع وكالة الطاقة ارتفاع إنتاج دول خارج "أوبك" بنحو مليون برميل يومياً من 50.2 مليون برميل يومياً في عام 2007 إلى 51.25 مليون برميل يوميا في عام 2008. أما "أوبك" فإنها تتوقع أن تكون الزيادة أكبر مما توقعته وكالة الطاقة بنحو 100 ألف برميل يومياً.

إنتاج "أوبك"
وفقا للنماذج المستخدمة في التوقع فإن كلا من وكالة الطاقة و"أوبك" يفترضان أن "أوبك" ستنتج الفرق بين الطلب المتوقع والإنتاج المتوقع لخارج "أوبك". بالنظر إلى البيانات أعلاه نجد أنه من الصعب فصل المصالح الشخصية عن التوقعات أعلاه لأن مصلحة وكالة الطاقة تقتضي أن تقوم "أوبك" بزيادة الإنتاج بشكل أكبر مما تتطلبه توقعات "أوبك". فنتيجة لرفع وكالة الطاقة توقعاتها للطلب العالمي على النفط وتوقعها أن يكون إنتاج خارج "أوبك" أقل مما تتوقعه "أوبك" اقتضى أن تتوقع أن يرتفع الطلب على نفوط "أوبك" في عام 2008 بنحو 500 ألف إلى 700 ألف برميل يومياً، بينما نتج عن توقع "أوبك" طلباً أقل وإنتاجا أكبر من دول خارج "أوبك" أن ينخفض الطلب على نفوطها إلى 322 ألف برميل يوميا.

* ما العوامل التي قد تخفض أسعار النفط بشكل كبير في عام 2008؟
الإجابة عن هذا السؤال لا تختلف عن الإجابة في العام الماضي. فلا يتوقع بأي حال من الأحوال انهيار الأسعار، ولكن أغلب السيناريوهات تشير إلى احتمال انخفاضها نسبياً، بينما هناك حالة واحدة يتوقع فيها انخفاض الأسعار بشكل كبير، وهي حالة حدوث كساد اقتصادي في الولايات المتحدة. وكما ذكر في إجابة العام الماضي فإن الكساد لن يحصل بسبب العوامل التقليدية التي يذكرها الاقتصاديون، أو بسبب أزمة الرهن العقاري، و إنما بسبب تخفيض عدد الجنود الأمريكيين في العراق وانخفاض الإنفاق الحكومي نتيجة لذلك. في هذه الحالة لن تنفع أي من المحفزات الاقتصادية ولن يسهم تخفيض أسعار الفائدة في التخفيف من أثر تخفيض الانخفاض الحكومي. في حالة حصول الكساد فإن مدى انخفاض أسعار النفط يعتمد على مدى تأثر الاقتصادات الآسيوية، خاصة الاقتصاد الصيني، بحالة الكساد في الاقتصاد الأمريكي.
* هل ستتأثر موازنات الدول النفطية إذا انخفضت أسعار النفط في عام 2007؟
قامت أغلب الدول النفطية ببناء احتياطي ضخم من العملات الصعبة خلال السنوات الأربع الماضية، الأمر الذي يمكنها من الإنفاق لعدة سنوات حتى لو انخفضت أسعار النفط بشكل كبير وحققت موازنات هذه الدول عجزا ملحوظاَ مقارنة بالسنوات الأخيرة. ولكن في نظرة سريعة إلى موازنات دول الخليج نجد أن كل هذه الموازنات بنيت على أسعار محافظة مقارنة بما يتوقعه الخبراء. فهناك دلائل تشير إلى أن الموازنات الخليجية مبنية على أسعار تراوح بين 45 و60 دولار للبرميل، وعلى إنتاج محافظ أقل من الإنتاج الفعلي لهذه الدول. لذلك فإن أسوأ ما يمكن أن يحدث في عام 2008 هو انخفاض فائض الموازنات الخليجية دون حدوث أي عجز فيها.
* ما أهم المشكلات التي ستواجه دول الخليج في عام 2008 نتيجة الأوضاع في أسواق النفط العالمية؟
هناك ثلاثة مشاكل رئيسة مرتبطة ببعضها نوعا ما: ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية لصادرات النفط والضغط على أسعار صرف العملات المحلية. لكن المشكلة الأكبر هي التدخل الحكومي في الأسواق لمواجهة التضخم، حيث إن هناك ضغطاً شديداً على الحكومات الخليجية للقيام بشيء ما لتخفيض التضخم، وقد تختار بعض الحكومات حلولا "بنادولية" سهلة قصيرة المدى نتيجة توافر فوائض مالية فتقوم بتعزيز نظام الإعانات والدعم الحكومي لسلع معينة. إن التدخل الحكومي في الاقتصاد هو بمثابة "أم الخبائث" لأنه يؤدي إلى مشكلات أخرى أكبر و أعظم. إن الحل الأمثل على المدى القصير هو تخفيض السيولة وإلغاء الاحتكارات وتعزيز المنافسة. أما على المدى الطويل فإن الحل يكمن في زيادة إنتاجية العمال و الموظفين ورأس المال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي