دعوة للتغـيير

[email protected]

بدأ بالأمس العام الميلادي الجديد ومعه بدأت مرحلة جديدة للعديد من الجهات والمؤسسات والشركات، منها البدء في تطبيق ميزانية الدولة للعام الجديد كما أعلن كثير من الشركات نتائجها وخططها للعام الجديد، ولا بد أن يحرص كل إنسان أيضاً سواء مع بداية هذا العام أو في غيره من المناسبات أن يكون له هو أيضاً تقرير يقوم بمراجعته فيعرف ماذا قدم في حياته سواء مع ربه أو أسرته أو عمله أو مجتمعه خلال العام الماضي وما خطته للعام الجديد، ولا يترك مثل هذه الفرصة تمر عليه دون أن يقف لحظات للتأمل والمراجعة ومعرفة السلبيات والإيجابيات.

إن بداية العام الجديد هي فرصة كبيرة للمراجعة والتغيير والبدايات الجديدة خصوصاً للموظفين الذين يعملون في المؤسسات والشركات التي يرتبط نشاطها بالتاريخ الميلادي، والتغيير للأفضل من الأمور المطلوبة دائماً، ومن فترة لأخرى تظهر هناك فرص قد تساعد على التغيير مثل بدايات الأعوام أو وجود بعض المناسبات مثل حلول شهر رمضان أو أداء الحج أو غيرها من الأحداث الأخرى، ولكن التغيير يحتاج أيضاً إلى نية صادقة ورغبة أكيدة وعزم جاد على تعديل العادات والأفكار والطباع، كما يحتاج إلى تصميم دائم وتفكير مستمر يصاحب الإنسان ويشغل تفكيره أينما كان وفي كل مكان يذهب إليه الفرد سواء كان وحده أو مع الآخرين، كما يحتاج من يريد أن يتغير إلى أصدقاء صادقين مخلصين إذا نسي الإنسان ذكروه وإذا تذكر أعانوه، وقد يكون هؤلاء الأصدقاء ممن استطاعوا هم أيضاً أن يتغيروا إلى الأفضل فهو بصحبتهم يستمد من عزيمتهم ما يمكنه من أن يغير نفسه.

إنها فرصة مميزة للموظفين والمسؤولين لكي ينطلقوا من جديد ولكي يسعوا إلى تغيير عاداتهم، فالمتأخرون يمكنهم أن يغيروا من نمط حياتهم ويتركوا السهر في الليل ليستطيعوا القدوم مبكرا للعمل، والمعتذرون عن الحضور يمكنهم أن يعيدوا ترتيب أولوياتهم ليجعلوا الأولوية لأعمالهم بدلاً من تركها لظروفهم، كما يمكن للموظفين والمسؤولين إعادة النظر في إنتاجيتهم واستغلالهم أوقات عملهم فيحرصون على جعل وقتهم كله منتجاً وفاعلاً وأن يحاسب نفسه يوماً بعد يوم وينظر ما صنع في ما أوكل إليه من مهام وما طلب منه من إنجاز وحمل من مسؤولية وأن يعلي من قيمته في المكان الذي يعمل فيه .
يجب على كل فرد أن يحرص على وضع قائمة لنفسه تبدأ بكلمة أريد أن أغير من كذا إلى كذا وأن يعمل على تحقيق هذه القائمة تدريجياً وأن يضع لنفسه جدولاً زمنياً وألا يقلق مما سيصادفه من عوائق وعقبات فطريق النجاح طويل وشاق ويحتاج إلى صبر وعزم وإصرار على النجاح، بل أحياناً إلى التأكيد أنه سينجح، وأنه يؤمن بأنه يمتلك من القدرات والإمكانات ما سيساعده على التغلب على نقاط ضعفه ويمكنه من تحقيق هذا التغيير وأن يدرك أنه مهما واجه من نقد لاذع أو تذكير بما كان فيه في السابق فعليه أن يجعل من ذلك حافزاً يدفعه للأمام لا عامل إحباط يجره للخلف.

إن بداية العام فرصة جديدة للعمل بمبدأ التوازن والاعتدال وهو من العوامل المهمة التي تسهم في التغيير، إذ إن الإسراف والمغالاة والتفريط والإهمال هما من أكثر الأسباب التي تؤدي بالموظف إلى التقصير في عمله، ولذلك فهو في حاجة مع مطلع هذا العام إلى أن يضع لنفسه ميزاناً يزن من خلاله أمور حياته فيجعل الوسطية والاعتدال منهجاً له فيها.

إن للتغيير سنة إلهية تأتي قبل كل ما سبق وبعده وهي قوله تعالى: (إنّ الله لا يغيِّر ما بقوم حتّى يغيِّروا ما بأنفسهم). فإن أردنا فعلاً أن نغير من حياتنا وأن نعمل من أجل تغيير سلبياتنا وتحويلها إلى إيجابيات فيجب علينا أولاً أن نغير ما في أعماقنا وأنفسنا من الداخل وأن نجعل التغيير يأتي من الداخل إذ إن هذا التغيير هو الذي سيبقى وسيصمد أمام التحديات أما التغيير من الخارج فقط فهو تغيير ظاهري لا يمكنه البقاء وسرعان ما يزول مع أول اختبار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي