تحسٌن الاستهلاك واستقرار الأسعار قد يدفعان إلى خفض سعر الفائدة الأمريكية

[email protected]

الأسبوع الماضي كان حافلاً بالكثير من التقارير المتعلقة بالاقتصاد الأمريكي. التقارير في مجملها متضاربة، ففي حين تشير تقارير الإسكان إلى زيادة هوة أزمة الرهن العقاري، تشير تقارير إنفاق المستهلك خلال شهر آب (أغسطس) الماضي, إلى تماسك في الاستهلاك المحلي مما يثير التفاؤل بين المحللين بشأن النمو الاقتصادي الذي يمثل الاستهلاك المحلي ثلثي قيمته. وفي كل الأحوال يتوقع الكثير من المحللين خفضاً آخر لسعر الفائدة، وهو الأمر الطبيعي بعد كل خفض لسعر الفائدة، حيث يبدأ المستثمرون ببناء توقعات كلما انخفضت مؤشرات الأسواق المالية بأن يقوم الاحتياطي بخفض جديد لسعر الفائدة.
وفيما يتعلق بإنفاق المستهلكين ارتفع الإنفاق بشكل أكبر من توقعات المحللين حيث بلغ معدل الزيادة في إنفاق المستهلكين 0.6 في المائة, في حين أشارت التوقعات إلى معدل زيادة مقداره 0.4 في المائة. إضافة إلى ذلك ارتفع معدل الدخل الشخصي للمواطن الأمريكي بمعدل 0.3 في المائة خلال شهر آب (أغسطس) الماضي مما يشكل ترابطاً منطقياً مع مؤشر إنفاق المستهلكين. فوجئ المحللون بزيادة المشتريات من السيارات والأثاث ما يشير إلى أن الاقتصاد استطاع أن يتماسك, وأن يزيد من إنفاق المستهلكين. ومع زيادة إنفاق المستهلكين إلا أن الأسعار لم ترتفع بشكل كبير مما يعطي "الاحتياطي الفيدرالي المزيد من المساحة لعمل خفض آخر لسعر الفائدة, كما أشرت في البداية. وإضافة إلى المؤشرين الإيجابيين المتعلقين بأسعار الفائدة ظهر مؤشر إيجابي آخر يتعلق بقطاع الأعمال، حيث أظهر مؤشر الجمعية الوطنية لإدارة المشتريات في شيكاغو ارتفاعا إلى معدل 54.2 نقطة في شهر (سبتمبر) من معدل 53.8 في شهر آب (أغسطس) الماضي. وتتضمن هذه القراءة للمؤشر نمواً في معدل مشتريات قطاع الأعمال مما يتوقع أن ينعكس بشكل إيجابي على الوضع العام للنمو الاقتصادي. حيث يعني ذلك أن قطاع الأعمال لم يعان بعد ضغوط أزمة قطاع الائتمان، ولكن تظل هذه القراءة تعكس الوضع الحالي ولا يعلم إذا ما كانت الأزمة ستنعكس على الوضع المستقبلي لمعدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي. إضافة إلى ذلك أظهرت البيانات زيادة مقدارها 2.7 في المائة في معدل الصادرات الأمريكية خلال شهر (يوليو) الماضي، وهي الزيادة الأكبر خلال ثلاث سنوات، مما يعكس انتعاشا في الإنتاج وزيادة في الطلب نتجت بشكل أساسي جرًاء انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي، الأمر الذي جعل السلع الأمريكية أرخص في الأسواق الخارجية.
وفي حين كانت البيانات فيما يتعلق بإنفاق المستهلكين إيجابية، ظهرت بيانات الثقة بشكل سلبي حيث انخفضت ثقة المستهلك إلى معدل 99.8 نقطة, في حين كان المتوقع أن تبلغ 104 نقاط، مما يطرح تساؤلات كثيرة عن إذا ما كان ذلك سينعكس على الوضع المستقبلي لإنفاق المستهلك ومن ثم على الناتج الإجمالي؟ البيانات السلبية جاءت أكثر من قطاع الإسكان الذي استمر في التراجع, وذلك بالنظر إلى مبيعات المنازل الجديدة والمستعملة. فقد أظهر تقرير المنازل المستعملة والمعروضة للبيع انخفاضا من معدل 5.75 مليون وحدة خلال شهر تموز (يوليو) إلى معدل 5.5 مليون وحدة في شهر آب (أغسطس). أضف إلى ذلك انخفاض حاد في مبيعات المنازل الجديدة إلى 795 ألف منزل في شهر آب (أغسطس) في مقابل 870 ألف وحدة مباعة في شهر تموز (يوليو) الماضي. هذان المؤشران يعكسان بشكل واضح مدى التراجع المستمر الذي يشهده قطاع الإسكان, وذلك نتيجة أزمة الرهن العقاري وارتفاع مخاطر الإقراض. إضافة إلى ذلك يتردد الكثيرون من المشترين في هذه الأوقات من الإقدام على الشراء, وذلك لتوقعهم باستمرار نزول الأسعار في المستقبل. وبقي أن نرى ما إذا كانت هذه الأرقام ستتغير في المستقبل نتيجة لخفض سعر الفائدة أم لا؟
في أوروبا انخفض مؤشر الثقة بالوضع الاقتصادي الأوروبي إلى أقل معدلاته خلال 16 شهراً, وذلك خلال شهر أيلول (سبتمبر) الحالي, وذلك نتيجة لتسارع معدلات التضخم وتجاوزها المعدل الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي، حيث بلغ مؤشر ثقة المديرين التنفيذيين بدول منطقة اليورو 107.1 نقطة منخفضاً من معدل 109.9 الذي بلغه خلال شهر آب (أغسطس) الماضي. وكان عدد من المحللين الاقتصاديين قد توقع أن يبلغ معدل الثقة 109 نقاط مما يشير إلى تجاوز قراءة المؤشر الفعلية توقعاتهم. وهذا الانخفاض يدلل على امتداد أزمة أسواق الائتمان إلى أوروبا، حيث خفض كل من صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي توقعاتهما بشأن نمو اقتصاد منطقة اليورو إثر أزمة أسواق الائتمان. إضافة إلى ذلك انخفضت مبيعات التجزئة بشكل غير متوقع في ألمانيا خلال شهر آب (أغسطس). وكان المؤشر العام للأسعار في منطقة اليورو والتي تتكون من 13 دولة، قد ارتفع إلى معدل 2.1 في المائة خلال هذا الشهر مرتفعاً من معدل 1.7 في المائة خلال شهر آب (أغسطس) الماضي. ويعود هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى ارتفاع أسعار النفط الذي بلغ معدل 83.90 دولار خلال الأسبوع الماضي، مما يتوقع أن يرتفع معه المؤشر العام للأسعار في منطقة اليورو خلال الشهر المقبل.
في الصين يعمل البنك المركزي الصيني على تقييد سياسته النقدية خلال الربع الأخير من العام 2007 وذلك في سبيل التحكم في التضخم والحد من الارتفاع في أسعار الأصول وليمنع الاقتصاد من التسارع فوق المعدلات المستهدفة. فالاقتصاد الصيني لا يزال يواجه حمًى الاستثمارات المستعرة وفائض الميزان التجاري والتي إن استمرت قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم بشكل حاد. وهذا يعني أن الصين قد تلجأ إلى زيادة سعر الفائدة مرة أخرى بعد أن قامت بزيادته خمس مرات خلال هذا العام, كان آخرها في الرابع عشر من الشهر الحالي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي