حفريات ديسمبر
نتفاءل كثيرا عندما نرى تنفيذ المشاريع الحكومية وخصوصا مشاريع البنية التحتية، وعندما تجوب شوارع المدن وترى الحفريات التي تكثر في فترة معينة من السنة يزيد التفاؤل بإيصال الخدمات الرئيسية التي يحتاج إليها المواطن والمقيم.
وأكثر ما يقلقنا ظاهرة الحفريات غير المنظمة التي تأخذ وقتا طويلا وتغلق فيها بعض الشوارع أو نصفها وتعرقل الحركة المرورية.
ومن بشائر الخير التي لمسناها الازدهار الكبير لميزانية المملكة هذا العام وتحسنها وزيادة الإيرادات عن الأعوام السابقة وهذا من نعم الله علينا وفضله والتي نتوقع أن تنعكس على التنمية داخل البلاد، وعادة ما تزخر الميزانية بمخصصات كبيرة لتدعيم البنية التحتية في جميع مدن المملكة، وهذا ينبع من اهتمام الحكومة بالخدمات وتنفيذ مشاريع التنمية التي يحتاج إليها مختلف المناطق، وما دفعني لكتابة هذه الأسطر ما لاحظته في جدة وأعتقد أنه ينطبق على بقية المدن في هذا الشهر تحديدا - ديسمبر - وهو الشهر الأخير من السنة، أقول لاحظت كثرة الحفريات لتوصيل بعض الخدمات أو إعادة سفلتة الشوارع الرئيسية وهذا شيء جيد، ولكن ملاحظتي بنيتها على أن القطاعات المعنية بتوصيل هذه الخدمات تتسابق على تنفيذ المشاريع في نهاية السنة وكأنها مبرمجة لصرف الميزانية في هذا الشهر بالذات وكأنها محجوبة منذ بداية العام.
وكأن الصرف على المشاريع لا تتم جدولته مبكرا منذ بداية العام بل تتأخر حتى نهاية السنة وتضخ الأموال والمخصصات في وقت واحد مما يسبب ربكة في كل مكان.
المعروف أن الدولة تخصص لكل قطاع حكومي ميزانيته المستقلة قبل بداية العام اعتمادا على متطلباته من المشاريع وبما يتفق وخطط التنمية للدولة ويتم اعتمادها ومنح الصلاحية بصرفها على المشاريع المتوقع تنفيذها، ويبقى الدور على القطاع في جدولة الصرف منذ بداية السنة بما لا يعطل العمل أو يؤخره وبناء عليه تصرف المخصصات، إذا فالمسؤولية تقع على القطاع نفسه في جدولة الدفعات للمقاولين والموردين على مدى أشهر السنة، لكن للأسف نلاحظ أن بعض القطاعات تتأخر في التنفيذ وتعميد الجهات المنفذة إلى الربع الأخير من السنة وقد يتأخر أو يؤجل تنفيذ بعض المشاريع حتى وإن كانت صغيرة ثم ترحل مخصصاته للعام الذي يليه أو تحول إلى بند آخر.
نحن نطالب بالتخطيط والتنسيق المبكر لتنفيذ المشاريع وخصوصا مشاريع الاتصالات والكهرباء والمياه والصرف الصحي والسفلتة بدلا من العمل الفردي والحفر والدفن المتكرر مما يتسبب في تشويه الشكل الجمالي للشوارع والأحياء، كما نتمنى أن تنتهي ظاهرة كشط الأسفلت وإعادة السفلتة السنوية للشوارع والتي عادة ما تربك الحركة المرورية داخل المدن وعلى الطرق السريعة وتستهلك مبالغ طائلة، وأعتقد أن التركيز على توفير نوعيات من الأسفلت بمواصفات تتواءم مع مناخنا وتكون مقاومة وطويلة الأجل أجدى وأوفر وأقل صداعا.