الإمام الدوبلير!
أفهم أن يستأجر محام محاميا آخر ينوب عنه في المحكمة.. أفهم أن يقوم طبيب بندب طبيب آخر في الكشف على مرضاه لأنه مسافر أو مشغول وكثير من المهن أو الوظائف تتم الإنابة فيها لانشغال أصحابها لسبب أو لآخر.. مثل التمثيل وغيره.
أما ما لا أفهمه فهو أن يقوم إمام مسجد أو خطيب أو مؤذن مسجد باستئجار من يحل محله في الصلاة وفي الأذان وفي الخطبة.. أي أن حضرته مشغول بالبيع أو الشراء أو الطبيخ فينهمك في عمله ويستأجر من يحل محله.. والغريب والمدهش أن الإمام أو الخطيب أو المؤذن المستعار أو "الدوبلير" أو البديل بلغة السينما يكون جاهلا أو على الأقل بغير علم أو يكون وافدا متخلفا من حج أو عمرة، فيختبئ خلف الوظيفة الجليلة كإمام أو خطيب.
وفي السينما يتم تمرين "الدوبلير" قبل أن تدار الكاميرا.. فهو سيقوم بالدور بديلا للممثل الأصلي وذلك في حالات محددة.. بحيث يبدو كأنه الممثل الأصلي، وعادة ما يتم ذلك في المشاهد الخطرة التي يخشى فيها على الممثل الأصلي (النجم) كمطاردة السيارات والضرب المبرح.. فهل إمام أو خطيب أو مؤذن الجامع في حاجة إلى "دوبلير" أو بديل خوفا على نفسه من البهدلة.. أم هي عملية استرزاق.. كأن يأخذ الإمام مثلا خمسة آلاف ريال أجرا يعطي منها الدوبلير ألفا ويحتفظ بالباقي لنفسه.. وقد كشف عن ذلك مدير عام الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في منطقة عسير الدكتور عبد الله بن حميد بعد أن تم إنذار 50 إماماً وخطيبا ومؤذناً في المنطقة.
ويقول الدكتور "بن حميد" إن منطقة "عسير" تعد ثالث أكبر مناطق المملكة اتساعا وربما الأكثر عددا في المساجد والمصليات، حيث يبلغ عددها نحو خمسة عشر ألف مسجد، وهو رقم مهول إذا عرفنا أن "القاهرة" أكبر العواصم العربية تشتهر بمدينة الألف مئذنة.. فهل تنتزع "عسير" هذه الشهرة.
لقد نشرت جريدة "المدينة" في آب (أغسطس) الماضي، موضوعا مثيرا عن هؤلاء الدوبليرات وأرى أن يعاقب الفاعل الأصلي والدوبلير معا.. خاصة إذا كان هؤلاء البدلاء لا يحملون إقامات نظامية.. ليس في منطقة "عسير" وحدها ولكن في بقية مناطق المملكة!!
لقد تسلل الوافدون غير النظاميين إلى مختلف مرافق حياتنا حتى العقيدة السمحة.. ولعلهم ممن يثيرون الفتن والقلاقل.. ولعلهم من المتطرفين.. ولعلهم ممن يقنعون الشباب بالانحراف الفكري.. تعقبوهم وعاقبوهم.