أمن المجتمع .. أين المواطن؟!
التقرير الأخير عن المجموعات الإرهابية الذي كُشف من قبل وزارة الداخلية، يضعنا في حيرة تجاه استمرار هذه الدعوات، وتناميها .. ما يلح علينا بتساؤلات صعبة أهمها، هل القضية تخص وزارة الداخلية فقط ؟ أم أن المسألة معنية بأمن وطني الكل مسؤول عنه، التلميذ والمعلم ورب الأسرة والأم و البنت والعامل والموظف، وكل من له علاقة بهذا البلد .. أمن وطني لا يختصر بعمليات مناصحة لمن خرجوا عن الطريق السوي فحسب، ولا تتركز جهوده في البحث والمراقبة لمن يحمل مثل هذا الفكر .. بل إنه أمن وطني يؤصل الواجب ويعممه، ينطلق من كل منزل ومن كل مدرسة وموقع عمل.
أضيف أن السؤال الصعب الذي يلح علينا باستمرار، هو هل اختزلنا كمواطنين مهمتنا تجاه الإرهاب، وتركنا الأمر فقط للجهات الأمنية، وبما أفضى إلى تراخ وعدم مسؤولية تجاه هذه الآفة؟
الحكومة وكل أجهزتها قامت بواجبها، وأدوار الأمن فعالة وهو ما يسعدنا .. لكن هل يكفي ذلك؟
بلا شك لا يكفي، لأن أمن الوطن، من أمن المجتمع، هذا الشأن الذي من المستحيل التفريط فيه، وأحسب أن أمن المجتمع مسؤولية أفراده بمختلف مشاربهم ومستوياتهم ووظائفهم، وحتى جنسهم .. ذكوراً وإناثاً.
لنكن جميعا المعنيين بضبط التعليم وقبل كل ذلك غرس المفاهيم الوطنية الحقة، وواجباتنا تجاه المجتمع بحق وحقيقة من دون تعبئة لمعلومات معروفة وأخرى مملة من فرط تكرارها .. أمن الوطن ليس مادةً تدرس بنفس مسدودة .. ولا نصائح تعلن من على المنابر فقط .. بل هو عمل ملموس ينطلق من داخل كل مواطن.
لابد أن يكون هناك تواصل بين المواطن ومجتمعه مادام أن الأمر يخص أمن المجتمع، حتى في القضايا الأقل من تلك التي ليس لها علاقة بالإرهاب، لكنها تؤثر في أمن المجتمع كما هي المخدرات والسرقات، وما شابهها.
ما نطلبه ونتمناه أن يتحمل كل فرد منّا مسؤولياته بشجاعة، والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قال: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه" .. وما بالك إذا كان هذا المنكر ضد المجتمع .
أكثر من حاجتنا إلى المناصحة، الحاجة إلى عمل وطني لغرس المفاهيم النبيلة تجاه المجتمع مع إعادة تفعيل دور المؤسسات الحكومية بما يخدم الصالح العام، إعادة تجعلنا نواجه ما يهددنا.
يجب علينا أن نعلن عن استنفار وطني ضد كل ما يهدد أمننا الوطني وبما يطول أمنه وأخلاقياته. يجب أن نتسع نفسياً وخطابياً ومنهجياً وقضائياً لاستيعاب الخطر الذي يهددنا من الداخل لكي نحفظ أمن مجتمعنا.
وقبل كل ذلك علينا أن نعترف أن الخطر موجود، وأدواتنا السابقة بالتصدي له اجتماعيا كانت ضعيفة .. ولا بد من إعادة صياغتها من جديد.