وفد أمريكي .. هل يكرر الزيارة؟

[email protected]

الأسبوع الماضي زار المملكة وفد من كبار المساعدين لعدد من أعضاء مجلس النواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وقد استضاف رجل الأعمال عبد العزيز العبد القادر الضيوف، ورغم أن الترتيب لحفل العشاء جاء سريعا، إلا أن (أبو رعد) بأريحيته الجميلة وحسن التدبير حول المناسبة إلى لقاء ماتع توسعت فيه النقاشات الودية البعيدة عن الطابع الرسمي، وكان فيها الكثير من المصارحة والشفافية، وقد ساعد تنوع الحضور الذين مثلوا المجتمع السعودي على إثراء النقاش.
المهم، هو أن أغلب الوفد الأمريكي لم تتح له من قبل الفرصة لزيارة السعودية، بل المنطقة كلها، رغم أن أغلبهم يعمل في لجان حيوية للعلاقات والمصالح الأمريكية الدولية، لذا كانت الزيارة بشكل عام، كما عبر أغلبهم، فرصة ثمينة للوقوف على الأوضاع في المنطقة، بالذات السعودية، وهذا توجه إيجابي يتبناه الكونجرس الأمريكي، بفرعيه، يجب أن نستثمره وندعمه.
يجب أن نستثمره لأننا إزاء دولة رئيسة في العالم، وبيننا سنوات طويلة من العلاقات الإيجابية المثمرة، وأمريكا الآن ومستقبلا توجه جهودا مكثفة للدبلوماسية المباشرة والشعبية لاسترداد صورتها الإيجابية في العالم الإسلامي، وهذا ما عبر عنه أحد أعضاء الوفد الزائر، فقد ذكر أن جزءا من مهمتهم هو البحث في كيفية تحسين صورة أمريكا، وهذا يعني أننا إزاء اتجاهات إيجابية يتبناها البلدان.
حضور هذا الوفد (أكثر من 20 شخصا) من كبار المساعدين لأعضاء مجلس النواب لعله يستمر، والمساعدون لهم دور حيوي في صنع السياسات في أمريكا وفي تمرير القرارات، فهم الذين يعدون جداول الأعمال ويرتبون المصالح ويرعون العلاقات مع الناخبين .. باختصار هم من يقولون للأعضاء قل (نعم)، أو (لا) أثناء التصويت على القرارات.
طبعا هذا لا ينطبق على جميع الأعضاء فهناك أعضاء في المجلس بمثابة رجالات الدولة المحسوبين على النخبة الحاكمة والمؤثرين في مؤسسات صناعة القرار، ولكن الأغلبية في مجلس النواب لا تتوافر لهم المعرفة الكافية، أو حتى البسيطة بالأوضاع الدولية التي تؤثر في مصالح أمريكا.
الأعضاء في مجلس النواب من الضروري أن نتواصل معهم ليعرفوا حقيقة الأوضاع في المنطقة وأغلبهم لم يخرجوا من أمريكا، وطبقا لمعلومة ذكرها الرئيس السابق بيل كلينتون في لقاء جانبي في أحد المؤتمرات، فإن أكثر من (120) من أعضاء مجلس النواب ليس لديهم (جوازات سفر)، وكان الرئيس كلينتون يذكر هذه المعلومة في سياق حديث طويل حول أهمية تواصل الشعوب العربية مع الشعب الأمريكي مباشرة في القواعد الانتخابية لأعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، وذلك للتعريف بالقضايا والمصالح التي تهم وتربط الطرفين، وفي حالات كثيرة كان الأعضاء في المجلسين يتخذون مواقفهم بناء على جهل بالحقائق الأساسية المعروفة عن المنطقة أو بناء على معلومات مغلوطة.
إن الانعزالية الثقافية حقيقة في أمريكا رغم ما يبدو من انفتاح العالم على أمريكا وانفتاح أمريكا على العالم، فأغلب الشعب الأمريكي منهمك في الحياة اليومية، وما يتلقاه عن العالم من معلومات يأخذها كمسلمات عامة ولا يناقشها، لذا وسائل الإعلام الجماهيرية تتمتع بالحيوية والنفوذ الاجتماعي والسياسي، فلها قدرة على وضع القضايا المحلية والعالمية على الأجندة الاجتماعية، وبالتالي على الأجندة السياسية.
والمشرعون في مجلس النواب عندما تكون هناك قضايا عالمية لا تهم ناخبيهم ولا تؤثر فيهم، فإنهم يبلورون مواقفهم حولها بناء على معلومات يتلقونها من أيسر وأسرع وسيلة، وهنا تكون وسائل الإعلام مصدر التغذية السريع والمقبول، لذا نحن مطالبون بالتواصل المستمر مع (المساعدين والمستشارين) وأطقم العمل لدى الأعضاء حتى نتيح لهم فرصة معرفة كامل الحقائق والخلفيات عنا وعن المنطقة، وأجزم أن أغلبية الشعب الأمريكي لديهم الحد الأدنى من العقلانية والمهنية اللتين تؤهلان للحوار والتفاعل الإيجابي والمثمر الذي يؤسس لإدامة المصالح التي تخدم الطرفين, وهذا ما يجب أن نحرص عليه.
بقي أن نقدم الشكر إلى أعضاء سفارة خادم الحرمين الشريفين في واشنطن على اهتمامهم بالوفد، ونتطلع إلى زيارات مقبلة لوفود مماثلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي