اختبارات "المظلوم" :الصبر.. أو القهر أو الجنون أو القبر (2)

ذكرنا في الحلقة الماضية أنه إذا ما تم الاحتكاك مع آخر.. وانطلقت الشرارة الأولى (بكلمة شتيمة)، فإن العقل السليم هو الذي "يلجم" رد الفعل المثير.
وعلى مَن يتعرض لهذا الموقف أن يميز ويقيم قائل الشتيمة.. فإذا كان هذا القائل قويا يخشى بطشه فليكن لسان حاله (يد ما تقدر تدوسها بوسها) وإن كان قائلها يملك حاجة يقدر على منعها عنه، فعليه ترديد المثل القائل: (إذا كان لك عند الكلب حاجة قل له: يا سيدي).. أما إذا كان قائلها لا يملك له ضرا ولا نفعا، فعليه معالجة الموقف ولجمه عند هذه المرحلة بأية طريقة يمليها العقل السليم.. وأحدث هذه الطرق طريقة الفيلسوف (أبو خراط) في نظريته التي تقول:
إذا ما حدث احتكاك بين طرفين وقال أحدهما للآخر.. (يا كلب)، فعلى الطرف الثاني خصوصا إذا ما فيه شهود عيان يستفزون عنده روح الكرامة.. عليه أن يضحي قليلا (ويا ما ضحينا أمام حاجاتنا ويا ما كبتنا كبتا في اللاوعي وفي الوعي وما بينهما).. ويسأل الطرف الأول أي نوع من الكلاب يقصد؟ فأنواع الكلاب كثيرة، فهناك (كلاب الحارة) وهناك (الكلب السلوقي) و(الكلب البوليس)، وهناك أيضا الكلاب التي تسمى بها رجال القبائل في الجاهلية، وأشهرهم كليب زعيم (تغلب) المشهور بعزه ومجده .. وهناك أيضا كلاب مختلفة الأحجام والأثمان وتربى في العز والدلال في أوروبا وأمريكا.. فإذا حدد أي نوع من الكلاب فليكن رد الفعل مساويا لهذا التحديد.
كذلك إذا قال للطرف الثاني: (يا قرد)، فليطلب الطرف الثاني تحديد أي نوع من القرود يقصد؟ فهناك الشمبانزي، والقرد الممسوخ، القرد المدرب، والقرد الأخضر.. فإذا كان يعني القرد الأخضر حينئذ على الطرف الثاني أن يسرع إلى أقرب مختبر ليتأكد من نظافة دمه من الإيدز. لأنه مصدر فيروس الإيدز.
وإذا قال الطرف الأول للطرف الثاني (يا حمار) .. فليتأكد منه أي حمار يقصد من بين الحمير... فالحمير كثيرة: حمار القايلة، وحمار الوحش، والحمار الهامل، وحمار الشغل والمكدة.
وإذا قال (يا مجنون) فليطلب توضيح نوع الجنون(لأن الجنون فنون). وقد يطلب الطرف الأول من الطرف الثاني أن يأكل شيئا، ما كأن يقول: (كل تبن أو كل..) عندئذ يراجع الطرف الثاني نفسه.. هل هو جائع أم شبعان؟.. وليكن رد فعله قاتلا للطرف الأول (كل مخ وشحم).. لأن (المخ والشحم) غنيان جدا بمادة الكوليسترول التي تؤدي في النهاية إلى ذبحة قلبية أو جلطة قد تودي بحياة الطرف الأول.
وفي البيئات المتخلفة قد يولد الاحتكاك (شتيمة) قذرة مثل: (يا ابن هذه – ويا أخو تلك)... (ويا سرسري ويا سمرمدي)... أو يشتمون بكل ما في قاموس (الشذوذ من ألقاب) .. وهؤلاء تجنب الاحتكاك بهم أصلا.. وإذا ابتليت فضع في إحدى أذنيك طينا وفي الأخرى عجينا، أو ادع عليه في سرّك... واسلم تسلم.