"ملحوظات في صياغة العقود"
تحدثت في أكثر من مقال عن العقود وصياغتها وأضيف هنا جوانب أخرى تتعلق بها، ومن ذلك: ضرورة النص صراحة على علم المشتري بالمبيع علما ينفي الجهالة، وفيما يتعلق بالعقارات يكون ذلك برؤية العقار بالعين آو معرفته بالوصف إذا كان من بيوع الاستصناع "المقاولات"، ولابد أن يكون الوصف دقيقا بأن تحدد الشقة – مثلا – بمساحتها ومكانها من العقار ومشتملاتها من حيث عدد الغرف والخدمات ونحو ذلك مما ينفي الجهالة ويقطع النزاع.
ومن التطبيقات القضائية في هذا الجانب ما ورد في فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم أن امرأة باعت قبل وفاتها نخلها بألف ريال حالة، وخمسين في كل سنة مدة حياتها وقد قرر الشيخ أن العقد معلوم الفساد لجهالة الثمن وجهالة مدة حياة المرأة، ومن التطبيقات أيضا: الحكم الصادر من المحكمة العامة في الرياض حيث أبطل القاضي العقد لكونه يشتمل على جهالة في طول الخزانات وعرضها وفي نوعية الشبابيك ومواصفاتها.
وينبغي التنبيه هنا إلى أنه ليس كل جهالة تبطل العقد فقد سأل الشيخ محمد ابن إبراهيم كما في فتاويه عن حكم المساهمة في الشركات المساهمة فأجاب: "إن العلم في كل شيء بحسبه فلا بد أن يطلع المشتري على ما يمكن الإطلاع عليه بلا حرج ولا مشقة ولا بد أن تكون هناك معرفة عن حالة الشركة ونجاحها وأرباحها وهذا مما لا يتعذر علمه في الغالب لأن الشركة تصدر في كل سنة نشرات توضح فيها بيان أرباحها وخسائرها كما تبين ممتلكاتها من عقارات وأرصدة كما هو معلوم من الواقع".
أشرت هنا إلى شرط العلم بالمبيع لأهميته وكثرة ما يرد إلى المحاكم من الاختلاف بشأنه، وسبق أن قررت عددا من الملحوظات في العقود بصورة عامة وكيفية صياغتها والأولى في الصياغة من العبارات في مقالات سابقة واختم بتنبيهات عامة في العقود، ومنها:
1 – أهمية التكييف الفقهي الصحيح للعقد، وبالتالي جعل الشروط المناسبة لهذا التكييف.
2 – اجتناب المخالفات الشرعية ومن ذلك:
أ - اشتراط الفائدة الربوية.
ب – اشتراط ضمان رأس المال في عقود الاستثمار.
د - إصدار وتداول السندات.
هـ - ترتيب فوائد على التسهيلات الممنوحة للمستثمر.
3 – اجتناب المصطلحات التي تشتمل على معاني تثير الإشكال الشرعي مثل: "سعر الفائدة" و"التسهيلات" و"الفرصة البديلة" و"السندات" و"غرامة التأخير" ونحوها.
4 – الاهتمام بشكل العقد وصياغته الصياغة الصحيحة ومن ذلك:
أ - ضرورة أن يكون العقد باللغة الفصيحة الواضحة.
ب – ضرورة تحديد الفاعل القانوني بوضوح
مثل: "يدفع المشتري مبلغاً وقدره... للبائع"، بدلا من :" يدفع مبلغ وقدره ...."..
جـ - التقليل من استخدام الضمائر ما أمكن ذلك.
د - استخدام صيغة المبني للمعلوم بدلاً من صيغة المبني للمجهول ما أمكن ذلك.
هـ - استخدام صيغة الإيجاب بدلا من صيغة النفي.
فمن العبارات الخاطئة: "يجب ألا يكون المنتج غير مطابقا للمواصفات"، والصحيح: "يجب أن يكون المنتج مطابق للمواصفات".
و - استخدام التبنيد بدلاً من المتعاطفات.
ز - اجتناب التطويل قدر الإمكان.