أهداف جولة المليك الأوروبية.. ومسؤولية التنفيذ

[email protected]

في رأيي أن الهدف الأبرز والأهم الاقتصادي والتجاري، من وراء الزيارة الأوروبية الأخيرة، التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود – يحفظه الله – لعدد من الدول الأوروبية، التي شملت كلا من: بريطانيا، إيطاليا، ألمانيا، وتركيا، هو تعزيز وتعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين السعودية وشركائها التجاريين الرئيسيين في العالم، الأمر الذي لن يتأتى ويتحقق إلا من خلال تذليل جميع العراقيل التجارية والاقتصادية، التي تعترض طريق نمو التجارة البينية بين السعودية وتلك الدول، وكذلك القضاء على جميع المعوقات، التي تحد من انسياب تدفق الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة بين السعودية وتلك البلدان، التي لعل من بين أبرزها وأهمها، إخضاع الاستثمارات لعمليات الازدواج الضريبي، وفرض القيود الجمركية المختلفة، التي تضعف من الميزة التنافسية، التي تتمتع بها المنتجات السعودية، وبالذات المنتجات البتروكيماوية، ما يجعل سهولة نفاذها إلى الأسواق العالمية أمراً شبه مستحيلا.
في رأيي كذلك أنه من بين أبرز الأهداف التجارية والاقتصادية لزيارة الملك – يحفظه الله - لتلك الدول، هو الرفع من قيمة التعاملات والتبادلات التجارية، التي تتم بين السعودية وشركائها التجاريين على مستوى العالم، إضافة إلى الرفع من عدد وقيمة وحجم المشار يع والاستثمارات الأجنبية المباشرة FDI في السعودية، ولا سيما في ظل التحسن الكبير الذي طرأ أخيرا على البيئة الاستثمارية السعودية، الأمر الذي أكده التقرير الأخير الذي صدر عن البنك الدولي بعنوان (ممارسة الأعمال الخاصة 2008)، الذي أشار إلى أن السعودية تصدرت جميع الدول التي أجرت إصلاحات لتحسين إجراءات بدء النشاط التجاري وتأسيس الشركات على مستوى العالم، كما احتلت المرتبة الخامسة من بين أفضل عشر دول أدخلت إصلاحات تستهدف تيسير ممارسة الأعمال الخاصة خلال العام الماضي.
في رأيي بالنسبة وبالتحديد للأهداف الاقتصادية والتجارية لزيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز – يحفظه الله - لبريطانيا، إيطاليا، ألمانيا، وتركيا، يمكن تلخيصها في التالي: (1) تعزيز وتقوية وتوطيد العلاقات التجارية والاقتصادية التي تربط بين السعودية وتلك الدول، (2) تسهيل نفاذ الصادرات السعودية لأسواق تلك الدول، من خلال العمل على إزالة جميع المعوقات والصعوبات التي تعترض طريق نفاذها للأسواق، (3) دعوة المستثمرين ورجال الأعمال بتلك الدول للاستثمار في السعودية، بما في ذلك دعوة المستثمرين الحاليين بمضاعفة قيمة وحجم استثماراتهم المباشرة وغير المباشرة، (4) تفعيل دور مجالس الأعمال المشتركة الحالية بين السعودية وتلك الدول، بالذات بالنسبة للدور المرتبط بالترويج والتسويق للفرص التجارية والاستثمارية، بما في ذلك فرص التعاون المشترك بين السعودية وتلك الدول.
تحقيقا لتلك الأهداف، تطلب الأمر توقيع عدد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية بين السعودية وتلك الدول، التي لعل من بين أبرزها وأهمها، التوقيع على اتفاقيات لتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي، الأمر الذي سيعمل في نهاية المطاف، على تشجيع رجال الأعمال والمستثمرين في السعودية وتلك الدول على مضاعفة حجم استثماراتهم.
فعلى سبيل المثال أن توقيع مثل تلك الاتفاقيات التجارية، قاصدا بذلك اتفاقية تفادي الازدواج الضريبي مع إيطاليا، سيمهد الطريق أمام الزيادة والتطور والنمو والتحسن في العلاقات التجارية بين السعودية وإيطاليا، ولاسيما أن إيطاليا تعد الشريك السادس للسعودية على مستوى العالم، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 8.9 مليار دولار، تمثل منها واردات إيطالية للسعودية نحو 5.6 مليار دولار، بينما الباقي يمثل صادرات إيطالية للسعودية، والذي يمثل نحو 3.2 مليار دولار وذلك في عام 2006، كما يعمل في السعودية نحو 80 شركة إيطالية في مختلف المجالات، ويبلغ عدد المشاريع المرخص لها والمقامة في السعودية نحو 33 مشروعا، بإجمالي رؤوس أموال تصل إلى نحو 168 مليون دولار، يمثل منها نصيب الشريك الإيطالي ما نسبته نحو 50.3 في المائة.
خلاصة القول، أنه دون أدنى شك أن هناك أهمية كبرى للزيارات الملكية المتتابعة، التي قام بها خادم الحرمين الشريفين لعدد من دول العالم، التي كما أسلفت استهدفت الجانب الاقتصادي، تعزيز وتوطيد العلاقات التجارية والاقتصادية، التي تربط بين السعودية ودول العالم، ولكن ستظل في رأيي نتائج تلك الزيارات الإيجابية ونجاح أهدافها الاقتصادية والتجارية المنشودة، أمراً مرهوناً بقدرة الوزارات المعنية بالأمر، كوزارة التجارة والصناعة مثلاً، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، والأجهزة الحكومية، كالهيئة العامة للاستثمار، وكذلك أجهزة القطاع الخاص كالغرف التجارية الصناعية في السعودية، وأيضا مجالس الأعمال المشتركة، على التنفيذ وتفعيل تلك الأهداف وجعلها حقيقة ملموسة على أرض الواقع، الأمر الذي لن يتأتى إلا من خلال تكاتف الجهود نحو تحقيق الأهداف، بما في ذلك توزيع الأدوار والمسؤوليات، وكذلك رسم خطة عمل، واعتماد برنامج زمني لتنفيذ، هذا إضافة إلى ضرورة تحديد معايير للمقارنة وقياس الأداء، ولعلي أقترح في هذا الخصوص استحداث مجلس أعلى يتبع مباشرة للملك، بهدف متابعة نتائج تلك الزيارات الملكية، بما في ذلك تنفيذ الأهداف، بحيث نضمن بذلك سلامة التنفيذ من جهة، وتحقيق الأهداف المنشودة من تلك الزيارات الملكية من جهة أخرى لما فيه صالح الاقتصاد والمواطن والمصلحة العامة، وبالله التوفيق.

مستشار اقتصادي وخبير مصرفي
عضو جمعية الاقتصاد السعودية

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي