فساتين الرجال
تجتاح مجتمعنا اليوم ظاهرة واضحة تستند في هذا الاجتياح إلى عنصرين وهما الجمال والتغيير، فديننا الإسلامي يحثنا على أن نتجمل والله جميل يحب الجمال والإنسان بفطرته يعشق الجمال ويحن إليه ويطلبه في كل مكان وزمان، والتجمل من الأمور التي رغبنا الشرع فيها فطلب من المرأة أن تتجمل لزوجها كما حث الرجل أن يتجمل لزوجته ويظهر أمام الناس بمظهر حسن، كما يعد التغيير والتجديد من سمات هذا العصر، ويكاد يكون التغيير هو الشيء الدائم والمستمر في عصرنا الحاضر، وهناك نموذجان للتغيير نموذج محمود وآخر مذموم والجميع يتطلع إلى أن يهتم المجتمع بأن يسعى نحو التغيير المحمود والتغيير نحو الأفضل وإلى ما يساهم في إيجاد نهضة وتنمية حضارية في مختلف المجالات.
وكانت بداية هذه الظاهرة بداية حميدة قبل بضع سنوات فعمدت إلى أن تقوم بشيء من التغيير في تصاميم الثياب الرجالية العادية فأضافت إليها قليلاً من التطريز في أماكن محدودة جداً غير أن هذه الظاهرة أخذت في التوسع والتطور حتى غدا الثوب الرجالي مسخاً وأشبه ما يكون بفستان من الفساتين النسائية فظهرت الألوان المتعددة والموديلات المختلفة المزركشة والخيوط المطرزة وأصبح لدى محلات الخياطة كتيبات متنوعة عن موديلات الثياب وألوانها، بل أصبح هناك أسماء لها فمنها ما هو بسحاب وغيرها من التقليعات الجديدة للثياب وكأنها صورة مشوهة للثوب الأبيض الذي اعتدنا عليه واعتادت الأمم قاطبة أن ترانا نرتديه.
وعلى الرغم من إيماني بالتغيير وعشقي للجمال وعدم اعتراضي على بعض تصاميم الثياب التي تحافظ على الهوية الأساسية للثوب مع إضافة بعض التعديلات البسيطة، وحرصي على أن نرى الشباب والرجال في أبهى منظر وأجمل حلة، وقناعتي الشخصية بأهمية المظهر الذي يعكس في كثير من الأحيان باطن الإنسان وأسلوب تفكيره، إلا أن ما يحدث مع ثياب الرجال اليوم هو في اعتقادي اغتيال للثوب العربي الذي كان ولا يزال هوية يعتز بها القاصي والداني، ولم يقف الأمر على الزخرفة أو التطريز أو إضافة بعض الإكسسوارات على الثياب بل عمد البعض إلى أسلوب تخصير الثوب أو تعديله ليغدو وكأنه ثوب نوم يخرج به إلى العمل.
وما يحدث في الثياب اليوم نجده في باقي الملبوسات الرجالية فنكاد لا نفرق بين البناطيل الرجالية من النسائية وكذلك القمصان وغيرها من الملبوسات الأخرى التي تسعى إلى تذويب شخصية الرجال وإضعافها وإظهارها بمظهر بعيد كل البعد عن الرجولة، وقد أحسنت وزارة التربية والتعليم في منعها هذه الموضة وحرصها على المحافظة على الثوب السعودي التقليدي.
إن السعي نحو التطوير والتجديد والجمال أمر مطلوب ولا خلاف عليه خاصةً إذا لم يؤثر في عقيدتنا وعاداتنا وتقاليدنا، والشباب خصوصاً يحرص على كل جديد ويهتم بالتقليد ومتابعة الموضات الموجودة، وقد رأيت مرة من المرات أحد الشباب ولم أستطع أن أميز هل هو رجل أو امرأة فمع هذا النوع من الثياب الملونة والمزركشة والمطرزة وموضة تطويل الشعر وربطه أحياناً غدا الشباب في الأسواق مثل النساء غير أنهم من دون حجاب.
إن علينا واجب يجب أن نقدمه لمجتمعنا وهو أن نعمل على مكافحة بعض الظواهر والموضات التي تسيء لنا وتسيء لهويتنا ولمظهرنا أمام الأمم، ومن جانب آخر علينا أن نعمل جادين على توعية أفراد مجتمعنا بصفة عامة وشبابنا بصفة خاصة ونصحهم بأسلوب مميز يهدف للمحافظة على هويتنا والسعي نحو التطوير والتجديد وإيجاد البدائل والحرص على الجمال وحسن المظهر بما يعود علينا بالنفع والفائدة وعلى مجتمعنا بالنمو والرقي.