مَن يخشى العولمة الاقتصادية؟

[email protected]

شاركت في منتدى منظمة التجارة العالمية لعام 2007 في مقر المنظمة في مدينة جنيف بتاريخ 4 و5 من الشهر الجاري. وناقش المشاركون الذين فاق عددهم 1750 فردا عبر 39 ورشة عمل السبل الكفيلة بمعالجة بعض التحديات التي تفرضها العولمة (أي إزالة القيود بين الدول). وتنوع الحضور بين أعضاء في المجالس التشريعية ونقابيين وممثلين عن بعض القطاعات الاقتصادية وآخرين يمثلون مؤسسات المجتمع المدني, فضلا عن الطلاب.
وفي تطور لافت تبين أن ممثلين من مؤسسات المجتمع المدني هم من قاموا بإعداد محاور المنتدى, وذلك للمرة الأولى منذ تدشين المنتدى السنوي عام 2000. شملت المحاور أمورا مثل التجارة والتغييرات المناخية, الحوكمة العالمية, التنمية المستدامة, دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تعزيز التنمية, وخطورة توجه الدول نحو إبرام اتفاقيات للتجارة الحرة ثنائية وإقليمية على حساب الاتفاقيات الدولية.

جولة الدوحة
انطلقت الفعاليات بكلمة لباسكال لامي المدير العام لمنظمة التجارة العالمية, الذي شدد على أهمية بذل المزيد من الجهود لإنهاء جولة مفاوضات الدوحة لتحرير التجارة الحرة بين الدول الأعضاء في المنظمة. تمر المفاوضات التي بدأت من العاصمة القطرية في عام 2001 بظروف غير طبيعية على خلفية الخلافات بين الجهات الرئيسية في المنظمة (الولايات المتحدة, الاتحاد الأوروبي, اليابان, أستراليا, الهند, والبرازيل) حول بعض القضايا, خصوصا الدعم المقدم للقطاع الزراعي. هناك نقاط خلاف جوهرية رئيسية بين التكتلات الرئيسية في مفاوضات الدوحة تتمثل في تقليل الدعم الأمريكي للقطاع الزراعي والضغط على الدول النامية للحد من التعريفات المفروضة على الواردات الزراعية.
باختصار يحصل المزارعون في أمريكا على ضمانات شراء من الحكومة الفيدرالية فضلا عن التسهيلات الائتمانية الممنوحة للدول الراغبة في شراء المنتجات الزراعية الأمريكية, بيد أنه لا بد من وضع المساعدة الأمريكية في إطار الدعم المقدم للمزارعين من دول الاتحاد الأوروبي, خصوصا فرنسا. كما أن دولا أخرى مثل اليابان متورطة في تقديم المؤازرة للمزارعين.
من جهة ثانية, تضغط الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة, الاتحاد الأوروبي, واليابان على الدول النامية بتقليص التعريفات المفروضة على الواردات الزراعية. تتمحور الضغوط على الاقتصادات النامية الكبيرة نسبيا مثل البرازيل والهند في الحد من الضرائب المفروضة على الواردات الزراعية التي تصل إلى نحو 65 في المائة. في المقابل ترى هذه الدول أنه لا مناص من فرض هذه النسب العالية لحماية منتجاتها الزراعية المحلية من المنافسة الأجنبية المدعومة. أيضا تعد بعض الدول النامية فرض الضرائب على السلع الزراعية مصدرا حيويا لإيرادات موازنتها العامة.

الدعم من أجل التجارة
ألقت رئيسة فنلندا تارجا هالونين كلمة في الحضور شددت فيها على أهمية الاستمرار في تطبيق مبدأ (الدعم من أجل التجارة). يقدم البرنامج العون للدول النامية, خصوصا تلك الواقعة في قارة إفريقيا, لغرض تنمية أوضاعها التجارية مثل تحسين الإجراءات في الموانئ. وفي المحصلة يساعد هذا النمط من الدعم على تحسين القدرات التجارية للدول المستفيدة من الدعم, فضلا عن الدول الأخرى التي ترغب في التعامل معها.

تعثر العولمة
أما الكلمة الرئيسية الأولى في جلسة الافتتاح فكانت من نصيب البروفيسور كشور مانهاباني عميد كلية لي كوان يو للإدارة العامة في الجامعة الوطنية في سنغافورة. واتهم البروفيسور مانهاباني الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على حد سواء بعرقلة جهود الوصول إلى حل نهائي لجولة الدوحة لتحرير التجارة العالمية بحجة عدم القدرة على مواجهة الاقتصادات الكبيرة النامية, خصوصا الصين, الهند, والبرازيل. ورأى محدثنا أن الدول التي كانت حتى الأمس القريب تبشر بفوائد العولمة هي من تقف حجر عثرة أمام تحرير التجارة العالمية لسبب جوهري وهو عدم قدرتها على منافسة المنتجات القادمة من الصين وبعض الدول الأخرى.

اتفاقيات التجارة الحرة
ولم يكن مفاجئا تخصيص المنتدى ورشة عمل لمناقشة تداعيات شيوع ظاهرة اتفاقيات التجارة الحرة أو اتفاقيات التجارة التفضيلية (وهي التسمية المحببة لدى منظمة التجارة العالمية). تعارض المنظمة هذه الاتفاقيات لأنها تتناقض وروح الاتفاقيات المتعددة الأطراف بل تنال من الأساس الذي بني عليه (دبليو تي أو). وحذر البروفيسور فينود أجراوال من جامعة كاليفورنيا (بيركلي) من خطورة مثل هذه الاتفاقيات متنبئا بأنها ربما تكون السبب في انهيار مفاوضات جولة الدوحة في نهاية المطاف.
ورأى البروفيسور أجراوال أن الاقتصاديات الكبيرة ومن بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي واليابان وأستراليا بدأت تميل للاتفاقيات الثنائية والإقليمية لأن بمقدورها فرض شروطها على الاقتصاديات الصغيرة مستفيدة من حاجة هذه الدول إلى الانفتاح على الأسواق الكبرى لمساعدتها على القضاء على بعض مشكلاتها الاقتصادية. وكانت البحرين سباقة بين دول مجلس التعاون الخليجي في إبرام اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة، التي بدورها دخلت حيز التنفيذ في آب (أغسطس) من عام 2006.

يناقش مقال الأسبوع بعض الأمور الحيوية التي ظهرت في ورش العمل التي شاركنا فيها مثل حقوق العمالة الوافدة ومواجهة مشكلة التضخم في المنطقة.

عضو مجلس النواب (البحرين)

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي