العيد بقلوب سعودية
حضرت مناسبة جميلة وتعتبر الأولى من نوعها في مجال الثقافة والأدب والأعمال والخاصة بالأطفال، وهي الإعلان عن نشر وتوزيع كتاب للأطفال قصة بعنوان "صندوق العيد " القصة تأتي في علبة كرتونية جميلة الألوان بداخلها القصة وسي دي عن القصة وكروت تهنئة وظرف للعيدية وبالونات وزينة جميلة وملصقات رائعة للأطفال عن العيد.
وجاء شكل هذه العلبة من أجمل ما يمكن رؤيته وتضاهي جودتها كتب الأطفال في الدول المتقدمة حتى ظننت أن إنتاجه كان في دولة أوروبية أو أمريكية، وغمرتني السعادة عندما قرأت أنها إنتاج شركة سعودية.
والجميل في الموضوع هو ارتباط أسماء أطفال القصة بأطفال حقيقيين حضروا هذه المناسبة وهما الطفلان ساني وسارة فكان لهذا الرابط الواقعي أكبر تأثير في حضور المناسبة وفي خيال الأطفال الذين راودتهم أحلام اليقظة أن يصبحوا أبطالا لقصة مقبلة.
وهذا العمل الجميل خطه قلم فتاة سعودية هي الكاتبة الشابة المبدعة أروى داود خميس التي داعبت المشاعر والأحاسيس بكلماتها الطفولية المناسبة لعمر قراء القصة فهي استهدفت الفئة الصحيحة والسن المناسب لمستخدمي القصة، كما جاءت فكرة الصندوق الإخراج الرائع بريشة المصممة ثريا عادل بترجي والتي ترجمت طعم الفرح والحلوى والعيدية إلى ألوان وأشكال مبهجة جميلة تكحل العين وتجعل القارئ يشعر كأنه واقف وسط بستان قوس قزح.
لماذا أعتبر هاتين الشابتين نموذجا سعوديا رائعا لأصحاب المشاريع الصغيرة؟
لأن هذه هي القصة الرابعة لهن وحققن نجاحا معنويا فاق توقعاتهن أنفسهن ونجاحا ماديا مقبولا.
ولماذا نجحن؟
سر النجاح بالطبع الالتزام والقدرة على الإبداع والتنفيذ إضافة لعامل مهم جداً ويعتبر الأساسي وهو تشجيع ودعم الأهل من أول الأم والأب والأخوة حتى الزوج والأبناء ونساء ورجال العائلة والصديقات، فالتلاحم الرائع الذي رأيته ولمسته جعلني أتأكد أن النجاح لا يمثله فرد واحد بل النجاح هو جهد وحب الكل لهذا الفرد والإيمان بقدرته على الإنجاز فهو نجاح لجميع العائلة.
ولم يكن هذا العمل مجرد خاطر أو فكرة جميلة استطاعت الشابتان القيام به لأنهن يملكن الفكر والمال والوقت والدعم فقط، بل هو في الواقع عمل تجاري منظم جداً يتبع المعاملات الحسابية المعروفة وبخطة عمل واضحة ومحسوبة، فهن خريجات جامعات وكليات سعودية ولسن خريجات جامعات أمريكية، مما يؤكد كلامي في مقال سابق أن الإنسان الناجح على الصعيد المهني هو الراغب في النجاح والذي درس في أي مكان في العالم . وما أجمل أن يكون العمل مرتبطا برسالة ثقافية أيضاً.
وما زلت أذكر منذ أربع سنوات عندما بدأ هذا العمل ورأيت أول قصة تم نشرها وعندها فكرت قليلاً.. بطريقة اقتصادية.
هل فعلاً يوجد عدد كاف من الأطفال القارئين والقادرين على شراء مثل هذه القصص؟
هل يوجد فعلا العدد الكافي من الأهل القادرين والراغبين في شراء قصص الأطفال هذه؟
وأظن أن الإجابة على سؤالي جاءتني أخيراً، لقد نجح المشروع فعلا فلكل مجتهد نصيب وأظن أن هذه النتائج تبعث روح التفاؤل فما زال في مجتمعنا فئة تقرأ وتقدر القراءة بل وتشتري الكتب والقصص. ولا شك أن هذا العمل المبدع والجاد والمنظم ستظهر ثماره بأفضل صورة وهذا هو النموذج المفضل للمشاريع الصغيرة والجديرة بالاقتداء.
ولابد أن أشير أيضا إلى جهة داعمة أخرى وهي مكان المناسبة وهو عبارة عن مقهى شهير في مدينة جدة يعتبر مقهى الثقافة في جدة، والذي قدمه مجاناً صاحبه الشهير أيضا بخواطره تشجيعاً منه للقراءة والثقافة.
وأعتقد أن هذه الأخلاق الكريمة والمبادرة التي تحلى بها صاحب المقهى لهي نموذج آخر جدير بالاقتداء، ويعتبر نوعا من أنواع المسؤولية الاجتماعية لهذا المجتمع الذي أتمنى أن يتبناها المزيد من ملاك المقاهي والأماكن المماثلة.
فالناس سكان هذا المجتمع وهذه المدينة وهذه الدولة جديرون بأن ينالوا فرصا تمنحهم مستقبلا وحياة أفضل.
وتمنياتي بالتوفيق لثريا وأروى وطابور الشابات والشباب في مشاريعهم الصغيرة وعيد سعيد لهم وللكل وكل عام وأنتم بخير.