مدننا بعد نصف قرن

[email protected]

وأنا في الطريق من جدة باتجاه مكة المكرمة الأسبوع الماضي جال في خاطري سؤال توقفت أمامه كثيرا وأخذت بي الأفكار والأحلام باحثا عن إجابة لهذا السؤال الذي مر على ذهني سريعا، وهو كيف سيكون حال طريق جدة مكة المكرمة السريع الذي لا يتجاوز 50 كيلو مترا بعد خمسين عاما من الآن؟ والسؤال الآخر هو كيف ستكون عليه مدننا أيضا؟
وفي طريق العودة إلى جدة بدأت أبحر مع خيالي لأصنع صورة ذهنية تعطيني إجابة شافية قد تكون قريبة من الواقع الذي يمكن أن أتصوره مبنية على مجموعة من الوقائع التي نعيشها اليوم أو التي عشناها خلال السنوات الماضية، وأنا سأطرح هذا السؤال وأتركه مفتوحا للجميع ليبحروا معي في الخيال ورسم الصور التي يتوقعونها.
من الممكن أن تكون مثل هذه التساؤلات في بعض الأحيان مفيدة وتفتح آفاقنا ونستفيد منها في صياغة رؤى قابلة للتنفيذ بإذن الله، عموما وصل بي الخيال أن أرى جدة متصلة بمكة المكرمة عمرانيا على طول الطريق السريع والأجزاء الخلفية منها تحوي مدنا وضواحي للحجاج متكاملة الخدمات مربوطة بشبكة نقل حديثة من القطارات والحافلات، كما أني تصورت بأن لا نرى سيارة داخل حدود الحرم ولا أعني المسجد الحرام بل منطقة الحرم كاملة وخصوصا في مواسم رمضان والحج حيث سيتضاعف عدد الحجاج والمعتمرين وسيكون الاعتماد بعد الله سبحانه وتعالى على الحافلات والقطارات وليس السيارات والحافلات الخاصة.
أما ما يتعلق بالمدن فقد وصل بي الخيال أن أرى الأجزاء الجنوبية من المدن وخصوصا الساحلية ستكون هي مناطق الجذب عكس ما نراه اليوم، وأتوقع أن نتخلص من مسلسل الحفريات الدائمة في الشوارع والكشط وإعادة السفلتة السنوية للطرق الرئيسية والسريعة وسيكون هناك شبكة شاملة للصرف الصحي والسيول، وستنتهي مشكلة الأحياء العشوائية والتعديات على الأراضي ومشاكل الصكوك وستزيد منح الأراضي والقروض العقارية لتغطي جميع المواطنين وسيتملك كل مواطن سكنه الخاص به، كما أن الحركة المرورية ستتضاعف وستزيد من زحمة السير بسبب تضاعف عدد السكان وخصوصا المدن الرئيسة، وأتوقع أن تكون الدراجات النارية والحافلات والقطارات المعلقة حاضرة كوسائل للنقل والأكثر استخداما وقبولا، أما توسع المدن فسيكون رأسيا وليس أفقيا وسنشهد المباني العملاقة متعددة الأدوار وستكون الشقق والفلل في المباني الشاهقة هي السكن المفضل للكثيرين لأن عادات الجيل القادم ستتغير وستكون العائلات صغيرة وليست ممتدة.
وقادني التفكير إلى أن أرى بلادنا في مصاف الدول العالمية المتقدمة بإذن الله تعالى تنفيذا للخطط والأهداف التي صاغها وهندسها قادة البلاد منذ توحيدها على يد المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبد العزيز آل سعود إلى يومنا هذا في عهد خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، والذي نتفائل كثيرا بأن يختصر الزمن ويحقق للمواطن كل ما يتمناه.
ويكبر الحلم وكأني أرى أننا تخلصنا من بعض الأفكار والأشخاص التقليديين ومن البيروقراطية التي عانينا كثيرا في القطاع العام والخاص وأعاقت الكثير من مشاريعنا وتقدمنا وسيأتي جيل جديد مبدع يسهم في هذه النقلة.
فجأة وأنا أتخيل شكل مطار جدة الجديد عدت إلى رشدي بمجرد وصولي إلى حدود محافظة جدة بعد بحرة وأفقت على روائح أفسدت باقي الحلم خصوصا أن الصائم تكون حاسة الشم عنده حاضرة وقوية قبل الإفطار بدقائق.

رئيس فكر الدولية
فاكس 02- 6912060

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي