التضخم والاقتصاد الهامشي

[email protected]

لست اقتصاديا، ولن أدخل في جدل اقتصادي لأنه ليس تخصصي، ولكن النظرية الكلاسيكية لآدم سميث وديفيد ريكاردو تعطي أهمية كبرى لإنتاجية القوى العاملة كمحفز أساسي لتعظيم ثروة المجتمع، فهناك قوى عاملة منتجة وغير منتجة، الأولى تعود بالفائدة الإيجابية على الاقتصاد الوطني والأخرى سلبية، وكلما زادت الأخيرة على الأولى نشأ ما يعرف بـ "الاقتصاد الهامشي", وهو ذلك الاقتصاد الذي يستهلك أفراده دون إنتاج يذكر، فلا يساهمون في نمو الدخل القومي إيجابا, بل بالعكس سلبا؛ وفي اقتصادنا المحلي ـ ومع الأسف ـ يغلب النوع الأخير.
ومما زاد الطين بلة الأعداد الهائلة من العمالة الوافدة من خارج الوطن، التي تعمل في قطاعات هامشية أو كما يعرفها آدم سميث "تحويلية" لا مردود أو جدوى اقتصادية منها سوى لفئة أو قلة من المجتمع، وقد يعيش المجتمع ويتطور اقتصاديا بعشرها وأحيانا من دونها.
فعلى سبيل المثال أحصيت في حينا في مدينة الرياض، 12 بقالة و11 محل خضار وفاكهة وثمانية محال حلاقة وثمانية مطاعم و14 محلا للأثاث المستعمل و15 محلا للموبيليات والأخشاب و26 محلا للسباكة والكهرباء وسبعة محال للفيديو والكمبيوتر وثمانية أفران للتميز و17 خياطا للثوب الرجالي و52 خياطا للملابس النسائية وتسعة محال للقرطاسية وثلاثة مستوصفات خاصة وثماني صيدليات وثمانية محال للنظارات وستة محال لتأجير السيارات وثلاثة محال لأبو ريالين, كلها تُدار بعمالة أجنبية وقد تملكها؛ مع العلم أن حينا مساحته لا تتجاوز كيلو مترا مربعا، فما بالك لو عممت هذه العينة على كامل المدينة أو إحدى مدننا الكبرى الأخرى، ستجد أن هناك آلاف الوظائف الهامشية يعمل فيها مقيمون نظاميون وغير نظاميين لا حاجة للمواطنين إلى أغلبهم. فلا يستفيد أي سعودي سوى تاجر العقار وبعض ضعفاء النفوس من المتسترين عليهم. ولا قيمة مضافة لأعمالهم، إلا أنهم يزيدون الطلب على الماء والكهرباء والخدمات الصحية والأغذية بأنواعها، بل يستهلكون ويوفرون من دخولنا عملات أجنبية يحولونها فورا إلى بلدانهم مما له من أثر سلبي في الاقتصاد. فينطبق عليهم المثل الشعبي "يأكل ما كان ويضيق المكان". لعل القضاء على العمالة غير المنتجة أو "التحويلية" أو التقليل منها إحدى أهم وسائل تخفيض نسب التضخم، إذا كان تعريفه نقودا كثيرة تطارد بضائع قليلة، ولتوفير البضائع بكثرة لا بد من تقليل الطلب ليعود التوازن. والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي