المقدمة 1812

عُرفت الافتتاحيات الموسيقية في القرن السابع عشر الميلادي كمدخل لعروض الأوبرا والدراما الموسيقية، ومن فنّ جديد يتّسم بالغرابة إلى قطعة مهمّة لا يستغني عنها المؤلفون العالميون.
تسابق الموسيقيون أمثال بيتهوفن وبرامز وروسيني لتأليف المقدّمات الموسيقية، لتخرج للنور عدة انتاجات منها " حلاق إشبيلية " لروسيني وهي أوبرا من مشهدين رئيسيين وبمقدمة مميزة عرضت على المسارح حول العالم حتّى حولّت إلى فيلم كرتوني!
المقدمة أو الـ Overture كانت تتطور مع الزمن وتتحول إلى صورتها الأبسط ، كموسيقى تسبق رفع الستار للعرض الرئيسي.
لكنّ المقدمة الموسيقية الأضخم – نظراً لقيمتها التاريخية – كانت من تأليف تشايكوفسكي التي قام بكتابتها خصيصاً لاحتفال روسيا القيصرية بانتصارها على الهجوم الفرنسي بقيادة نابليون بونابرت.
يذكر المؤرخون أن الأعمال الفنية التي خلدت أحداث عام 1812على الأرض الروسية كثيرة، لكنّ أكثرها عمقاً وصدقاً رواية الحرب والسلام التي كتبها ليو تولستوي في أكثر من 500 شخصية ومقدمة تشايكوفسكي التي أشار القيصر ألكسندر الأول إليه بتنفيذها في أكبر كاتدرائية في موسكو لتصاحب أصوات الأجراس المدافع العسكرية الضخمة.
قد تعتقدون أن هذه المقدمة اعتيادية جداً في تركيبها، لكنّ السرّ في احتفاظها بهذه المكانة التاريخية هو تنفيذها بتصوّر تشايكوفسكي المتفرّد للموسيقى.
عن طريق تداخل كل من النشيد الوطنيّ لروسيا القيصرية والنشيد الوطني لفرنسا، هذا التداخل لا يتمّ بسلاسة ووقفات صمت بل تداخل يشبه المعركة الأصلية.
تحتدم الآلات وينفعل العازفون وكأنهم يوشكون على كسر الآلات بين أيديهم، وهكذا يتبادل النشيدان الظهور حتى تنتهي المعركة (الموسيقية) بانتصار النشيد الأقوى!
يقول بيل بيكر أستاذ الموسيقى في جامعة تسمانيا إن المقدمة 1812ستستمر في إثارة الحماسة في المشاهدين حول العالم وليس في روسيا وحدها، والدليل أنّها تعزف سنوياً باحتفال مهيب في أمريكا تزامناً مع احتفالات عيد الاستقلال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي