مجلس الشورى في عيون أعضائه
مضت قرابة 18 عاما منذ صدور نظام مجلس الشورى بتاريخ 27/8/1412هـ. نظام من الأهمية بمكان ليس لكونه شكل نقلة من النقلات الحضارية للسعودية فحسب، وإنما كونه أسس منهجية الشورى كأداة داعمة للحكم ومساندة له.
وعلى الرغم أن منهجية الشورى لم تكن حديثة على السعودية، بوصفها أنها كانت موجودة من تأسيس المملكة، إلا أن صدور النظام الأخير أعطى للشورى دورا أكبر في دعم السلطة الحاكمة في ممارسة صلاحياتها.
وعلى الرغم من جميع الإنجازات التي حققها مجلس الشورى طيلة 18 عاما الماضية في تطوير دور السلطة التنظيمية، إلا أن قراءة هذه الإنجازات من عيون أعضائه سيعطي بلا شك نظرة أكثر واقعية عن الإنجازات والآفاق، كون هذه النظرة عاصرت تطورات المجلس منذ نشأته وحتى اليوم.
صدر أخيرا كتاب، بعنوان "مجلس الشورى: قراءة في تجربة تحديثه" لثمانية أعضاء سابقين من أعضاء مجلس الشورى ممن أمضوا ثلاثة دورات من دورات المجلس (12 عاما). حمل الكتاب في طياته قراءة مستفيضة لتجربة مجلس الشورى، ومناقشة لمجموعة من الإنجازات والآفاق.
حرر الكتاب الدكتور عبد الرحمن الشبيلي، وشارك في تطويره وإعداده كل من: الدكتور زهير السباعي، الدكتور زياد السديري، الدكتور صالح المالك ـ رحمه الله ـ، الدكتور عبد الرحمن الجعفري، الدكتور عبد العزيز النعيم، الدكتور فالح الفالح، ومحمد الشريف.
تعود فكرة الكتاب إلى مقترح من الدكتور صالح المالك ـ رحمه الله ـ خلال فترة مرضه الأخير عندما طرحها لمجموعة من أعضاء مجلس الشورى بهدف تجسيد دور مجلس الشورى في عيون أعضائه تجسيدا للإنجازات ونقلا للخبرة للأعضاء الجدد والمجتمع بشكل عام.
أتى الكتاب مقسما إلى سبعة محاور رئيسة. انفردت المحاور الستة الأولى بمناقشة مشتركة لستة محاور رئيسة في مسيرة الشورى. وحمل المحور الأخير التجربة الشخصية لكل عضو من الأعضاء المشاركين.
تناول المحور الأول، بعنوان "المجلس: السلطة التنظيمية"، مجموعة من الأمور المتعلقة بدور مجلس الشورى كسلطة ثالثة من سلطات الحكم تعمل بشكل متناسق مع السلطتين القضائية والتنفيذية. وتناول المحور الثاني، بعنوان "نظام المجلس ولوائحه"، مجموعة من الأمور المتعلقة بعموميات وخصوصيات نظام مجلس الشورى ذاته ولوائحه التفصيلية.
وتناول المحور الثالث، بعنوان "عضوية المجلس"، مجموعة من الأمور بتركيبة عضوية مجلس الشورى وآلية عملها. وتناول المحور الرابع، بعنوان "أداء المجلس"، مجموعة من الأمور المتعلقة بإنجازات مجلس الشورى في ظل طبيعة الشورى ونظام مجلسه وتركيبة أعضائه.
وتناول المحور الخامس، بعنوان "المجلس والمجتمع"، مجموعة من الأمور المتعلقة بالدور البيني لمجلس الشورى مع المجتمع في توثيق أواصر التواصل والدعم والمساندة. وتناول المحور السادس، بعنوان "المجلس والهيئات الأخرى (المحلية و الخارجية)"، مجموعة من الأمور المتعلقة بالدور البيني لمجلس الشورى مع الهيئات والمؤسسات المماثلة على المستويين المحلي والخارجي.
وتناول المحور السابع والأخير، بعنوان "تجارب شخصية"، تجارب الأعضاء الثمانية المشاركين في إعداد الكتاب حول إنجازات المجلس وآفاقه وتحدياته.
حمل الكتاب بشكل شمولي تفنيدا لمجموعة من الإنجازات وقائمة من الأمنيات التي ما زال مجلس الشورى في حاجة إلى تطويرها. حيث الملاحظ من خلال قراءة التجارب الشخصية الثماني اشتراك معظم الأعضاء في أهمية استحداث ثلاثة مشاريع تطويرية من شأنها المساهمة في دعم مسيرة المجلس خلال الفترة القائمة.
المشروع الأول أهمية إعطاء مجلس الشورى مساحة من الصلاحيات أكبر من المساحة القائمة. والمشروع الثاني أهمية إعطاء العملية الانتخابية دورا في تشكيل تركيبة عضوية المجلس. والمشروع الثالث أهمية فتح المجال أمام المرأة للدخول في تركيبة المجلس كعضو رئيس عوضا عن عضو استشاري.
"مجلس الشورى: قراءة في تجربة تحديثه" هو كتاب من الإنتاج الأدبي الجديرة بالاقتناء، والإشادة، والتقدير كونه قدم خلاصة تجربة كمية وكيفية عن السلطة التنظيمية السعودية، وقراءة مستقبلية لتطورات مجلس الشورى وأدائه. فهو في المقام الأول أثرى الأدبيات السعودية المعاصرة بتقديمه إلى مادة ما زالت هي في أمس الحاجة إليه. والثاني كون الكتاب أنتهج الموضوعية في الطرح مع مساحة جيدة من حرية إبداء الرأي. والثالث كون الكتاب قدم قراءة استراتيجية لمستقبل السلطة التنظيمية.