"مشوار على الطاير"!
العمل وكسب الرزق حق للجميع، وكثيرا ما نزهو بأمثلة من السعوديين العاملين تحت سياط الشمس بمختلف القطاعات أو التخصصات أو الأعمال الحرة والتجارية وغيرها. مثلا هناك الباعة الجائلون رغم ما يسببونه أحيانا من مشكلات في الطرق، وصعوبة السيطرة صحيا على ما يبيعونه إلا أن هناك محاولات جادة لتحديد مواقع تضمن لهم ممارسة عملهم بما لا ينعكس سلبا على الآخرين.
في مطاراتنا ومن بينها مطار الملك خالد الدولي في الرياض ظاهرة قديمة/ جديدة هي وجود أصحاب السيارات الخاصة الذين يتلقفون المسافرين بعرض خدمات التوصيل باستخدام المناداة، حيث يستقبلونك بكلمات على شاكلة "مشوار" "وسيارة ياولد"، "توصيل" وغيرها.
يبدو المنظر فريدا داخل الصالة شباب من مختلف الأعمار، المسباح يلف على الأصبع وكأنك تشاهد مسلسل "مناحي"، ثم الطرق الفريدة في تقديم العروض كأن يتجه "صاحب العرض" إليك مباشرة حتى تظن أنه يريد السلام عليكم وطبع قبلة على خدك الجاف.
طبعا أمام هذا السيل الجارف من "العروض" لا تجد بدا من الرفض لأول مرة، ثم تهز رأسك ثانية، وثالثة تشكر مع ابتسامة صفراء، ورابعة تشير بيدك إلى أن هناك من يستقبلك، وربما تضطر أخيرا إلى التلويح بمفتاح سيارة معك لتتخلص من هذا الحرج، حتى تكتشف أنك وجهت كل جهدك للتخلص من هذه العروض الشفوية الغريبة، والمطاردات المحرجة وبذلت خلال دقائق مجهودا كبيرا رفع معدل دقات قلبك وتسبب بتطاير أنفاسك.
شخصيا لا أعترض على طلب الرزق فهو كما قلت حق للجميع، لكن ما ليس حقا هو اختراق الخصوصية بهذا الشكل الفج، واستخدام مكان عام للترويج لخدمة غير مضمونة وغير مرخصة، وربما يترتب عليها ضرر كحصول الحوادث بما فيها من قضايا التأمين وغيرها.
أي مسافر يمكن أن يتجه – كما في دول العالم – إلى موقع سيارات الأجرة ويحصل على الخدمة وفق الأنظمة التي تكفل له الحصول على خدمة مهمة مثل المواصلات بدون هذه "البهدلة" التي لا توجد إلا لدينا.
هناك من سيقول إننا نقطع الأرزاق أو أننا ضد أبناء البلد، وهذا ينفيه طبعا وجود أبناء البلد الذين يمتهنون هذه المهنة في موقع سيارات الأجرة، حيث يحصلون على دورهم في التوصيل بشكل تلقائي.
أتمنى ألا يكون صحيحا أن كثيرا من أصحاب السيارات الخاصة هم أصلا من العاملين في الجهات العاملة في المطار، ويحصلون على تسهيلات تبعا لعلاقاتهم داخل أسواره. وهذه مشكلة كبيرة إذ إن الجهات الموجودة في المطار هي جهات رسمية هدفها تطبيق الأنظمة وليس العكس، ثم أنه إذ صدقت مثل هذه الأنباء فإن هذا معناه أن العاملين ربما يتسربون داخل الدوام من أجل عيون "مشوار على الطاير" على حساب شخص آخر ينتظر بالساعات لكسب بضع ريالات يعيش فيها أطفاله.. من يفيدنا؟