مطارات وقطارات.. من لمن؟
العلاقة بين المطار والقطار هي علاقة نفعية لكلا الطرفين؛ فكثير من المطارات اليوم تدعم استخدام القطارات بأنواعها لتخدم المدن الأقرب لها ولتزيد نقاط تغذيتها بالمسافرين والذين هم مصدر مهم من مصادر قوة المطار الاقتصادية، إضافة إلى المصادر الأخرى كزيادة حركة الطائرات وتزايد الشحن الجوي كما أسلفت في مقالات سابقة؛ ومن مبررات دعم المطارات لاستخدام القطارات أيضا التقليل من الاعتماد على النقل الخاص الذي له تأثيرات سلبية في الطاقة الاستيعابية لمداخل ومخارج ومواقف المطارات لما تسببه من اختناقات متكررة على الطرق المؤدية من وإلى المطار؛ إضافة إلى التأثيرات الأخرى كزيادة التلوث البيئي وبالتالي يكون التأثير اقتصاديا على المطار إيجابا. ولقد أثبتت التجارب العلمية والواقعية أن النقل العام بجميع أنواعه ومنها القطار يستوعب ما نسبته 50 في المائة من مجموع مسافري المطار لما يتميز به من انخفاض التكلفة المادية على المسافر إذا ما قورن بالنقل الخاص.
ولا يمكن أن تكون القطارات فعالة وعملية وذات جدوى اقتصادية إلا إذا كانت أداة ربط بين المدن الكبيرة والمطارات الكبيرة والتي يكون مسافروها عشرة ملايين مسافر فما فوق, وتكون تلكم القطارات مكملة بأنواع أخرى من المواصلات, ولكن من الناحية النظرية تعد القطارات أداة ربط جيدة للمطارات بنقاط تغذيتها بالمسافرين وأيضا تكون عوضا عن المواصلات الأخرى للمطارات. فلذالك عند تصميم وتخطيط المطارات لا بد أن تكون هناك مراعاة لتطويرها وتوسيعها مستقبلا توازيا مع النمو السنوي للمسافرين والحركة الجوية والمواصلات من وإلى المطار والتي لابد أن تكون من الجوانب التي روعيت كأنظمة مدمومجة ومترابطة ومكملة لبعضها بعضا بمختلف أنواعها سواء سيارات المسافرين الخاصة, التاكسي, السيارات المستأجرة, الباصات, والقطارات بشتى أشكالها أثناء تصميم وتخطيط المطارات.
ويعد الخط الحديدي بنوعيه المترو والتقليدي ضروريان لنمو وتطور المطارات الكبيرة, وإن كان الثاني أكثر سرعة وأقل ترددا ونقاط توقف وأطول مسافة بين المحطات المربوطة بواسطته, بينما الأول أكثر ترددا ونقاط توقف وأقل سعرا وسرعة لذلك فهو مناسب لموظفي المطار وغير مناسب لنقل الحقائب ذات الحجم الكبير. والأمثلة للقطارات والمطارات كثيرة, فهناك خطوط قطار تقليدية تربط بين محطة بادينجتون في لندن ومطار هيثرو ولا تستغرق الرحلة إلى الصالات 1و2 و3 سوى 16 دقيقة وتزيد أربع دقائق إلى صالة 4, وتطمح إدارة مطار ميونخ المربوط بالمدينة بواسطة رابط عبور سريع إلى تحقيق نسبة 40 في المائة كحصة لخطها الحديدي من مجموع النقل البري للمطار بجميع أنواعه لذلك لجأت إدارة المطار إلى ربط خطها الحديدي بشبكة خطوط حديدية أخرى وهنا تكمن استفادة القطار من المطار. ويعد قطار خادم الحرمين الشريفين وهو مشروع قطار مكة المكرمة - المدينة المنورة السريع خير مثال للعلاقة البينية الخدمية والاقتصادية بين المطار والقطار والذي سيختصر الفترة الزمنية بين مكة المكرمة والمدينة المنورة إلى ساعتين عبر مدينة جدة , فيما تصل المدة الزمنية بين مدينة جدة ومكة المكرمة نصف ساعة وتزيد سرعة القطار على 250 كيلومترا في الساعة الواحدة , كما يتوقع أن ينقل المشروع أكثر من 15 مليون راكب سنويا. والمهم في هذا المشروع هو ربطه مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة بالمدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة عن طريق مدينة جدة؛ علما أن المطار تجاوز عدد مسافريه (16.309.000) مسافر وهذا مؤشر على استفادة الخط الحديدي من المطار والذي أرجو تحقيقه في هذا المشروع هو أن يراعى فيه مساهمته في ربط المطار مع شبكة المواصلات الأخرى لتأمين نقل المسافرين من مراكز المدن الثلاث السابقة الذكر إلى المطار وبالعكس وتخديم التجمعات السكنية القريبة من مسار الخط والضواحي السكنية المخطط لإنشائها والمنشآت السياحية والثقافية والاقتصادية فهناك نقاط تجمع للمسافرين غاية في الأهمية فالحرمين الشريفين ووسط مدينة جدة ومطاري الملك عبد العزيز في جدة ومطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة مستفيدة ومفيدة لهذا الخط الحديدي المستقبلي. وتنبع أهمية مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة من أهمية المدينة المقدسة التي يخدمها وهو أحد منافذ وصول ومغادرة الحجاج والمعتمرين من الخارج والذي يبلغ عدد مسافريه (2.0098.000) مليون مسافر إضافة إلى (682.951.000) حاج وزائر. ويتضح لنا أن المطار المدعوم بالقطار يعني زيادة وتعدد موارد المطار المالية سواء الزيادة في أعداد المسافرين المستخدمين لهذا المطار والتي تترتب عليها الزيادة في الحركة الجوية والشحن الجوي وهذا ينعكس إيجابا على الخط الحديدي نفسه من الناحية الاستثمارية والذي يتمثل بزيادة الركاب المستخدمين له من مسافري المطار. وخلاصة القول هو أن المطار للقطار والقطار للمطار.