سعد المجهول: تحية

فور كتابتي مقالة رسالة لأهل الخير، وليس من عادتي طلب المساعدة، خوف المال فهو حلو خضر، يتقاتل عليه الناس، كما ورد في حديث كنز الفرات، فيتقاتل الناس عليه، يقتل من كل مائة تسعة وتسعون، كلهم يقول هو لي؟
وسمعتنا على المحك، والويل لنا إن تسربت لها جراثيم الفساد، ورأسمال أحدنا السمعة، فهي ثروته التي يتاجر بها، أو يفلس فيقعد مذؤوما مدحورا؟
وبمجرد ظهور المقالة برز قوم أفاضل للتبرع، منهم سعد المجهول الذي أرسل لي يقول:
قرأت مقالتك عن الفتاة التي تحتاج إلى العلاج فأنا مستعد للتبرع بمبلغ خمسين ألف ريال. أرجو إرسال رقم الحساب وسوف يتم تحويله فورا، وإنني والله أحسبك من الناس اللي فيهم خير وذي سمعة طيبة. وأسأل الله أن يكتب الأجر لك واسمي سعد، واكتفي به وهذا رقم جوالي للتواصل؟
فأرسلت له: الفاضل سعد أمثالك يعطيني الأمل في شجرة الخير عند البشر لك كل الشكر.‏
حتى اسمك الكامل لم تعطه حرصا على إخفاء الصدقة؛ ونسبت الأجر لي؛ فلك الأجر مضاعفاً إن شاء الرحمن، فلا تعلم شمالك ما تنفق يمينك، أرجو أن تكون من السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله...
أخي الفاضل قمنا الآن بحملة لهذا الجهاد الأكبر...
ويجب أن نكون شفافين للغاية في القضايا المالية؛ فلا يدخل الحساب على حساب أيا كان، ومنهم أنا فلا يدخل حسابي شيء، بل سيدخل على حساب مؤسسة حيادية..
وكان الأنبياء يكررون ويا قوم لا أسألكم عليه مالا وأجرا.. إنما أجري على الله..
أخي الفاضل أنا لا أعرفك حتى، وأنت أخفيت اسمك الكامل، وأنا أكتشف خامات من البشر في المملكة يذكرون بالصحابة والتابعين، وقد ورد في الحديث أنه سيأتي قوم هم أعجب الناس إيمانا، من الصحابة التابعين والملائكة؛ ذلك أن السؤال الذي طرحه الرسول ص على من حوله من أعجب الناس إيمانا؟ جعل بعض الصحابة ينصرف تفكيرهم باتجاه الملائكة؟ فقال النبي المصطفى ص لا .. لا .. كيف لا يؤمنون؟ وهم عند ربهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون؟؟
التفت صحابة آخرون وقال يا رسول الله: إذن سنكون نحن؟
ابتسم النبي العدنان ص معلم الناس الرحمة، الذي كنت في زيارة الكعبة ومكة، ودمعت عيني بين جبالها، قلت: هنا كان ينبض قلبه، وهنا اختلى، ثم التفت إلى بنتي مريم وقلت لها: ماذا كان يفعل بالغار عشر سنوات من الخلوة والانقطاع؟؟ بعد أن حبب إليه الخلاء؟؟ ماذا كان يفعل؟؟ ماذا كان يفعل؟؟ كررت مرارا..
إنه كان يقترب من سر الوجود، ومن وحي الذات الإلهية، التي تعلم السر وأخفى؛ فاطلع فرأى، ما كذب الفؤاد ما رأى، وما زاغ البصر وما طغى.. لقد رأى من آيات ربه الكبرى
كررت لبنتي مريم
إن إقبال يقول الوحي حقيقة من حقائق الوجود، يأتي بصور مختلفة للنحل وأم موسى، فيوحي إلى المخلوقات ما يوحي....
صرخت وقلت يا رب رحماك أنا دخيل على بابك!! افتح لنا من أسرار وجودك ما نرتاح، وتهدأ نفوسنا، ونذوق اليقين!! ومع الموسيقى التركية في السيارة، تذكرت عبق الصوفية من أجدادي وساح دمعي على خدي...
قال النبي العدنان ص للصحابة كيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ يأتيكم الوحي بالعشي والإشراق؟ هز الصحابة رؤوسهم بالإيجاب... ثم رفعوا رؤوسهم من جديد سائلين: من إذن يا نبي الله أعجب الناس إيمانا؟
قال هم قوم يأتون بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها!!
أخي سعد أنت منهم ولا أزكي على الله أحدا .... وتحية لسعد المجهول.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي