الملك ومستقبل الجامعة الأم

تُعد جامعة الملك سعود تاريخياً الجامعة الأم, باعتبارها الجامعة الأولى في السعودية من حيث النشأة ما جعلها تحقق ريادة سابقة ظلت تتكرس على مدى الأعوام لعدة أسباب، لعل أولها وأهمها التميز النوعي في أعضاء هيئة التدريس الرواد والمعايير الصارمة والأعراف الجامعية الراسخة التي استوحاها الرعيل الأول من أساتذة الجامعة من البيئات التي تعلموا فيها. فجامعة الملك سعود عُرف عنها التشدد في معايير اختيار المعيدين، والتشدد في الجامعات التي تفضل الابتعاث إليها. وكانت دائما تضع نصب عينيها الجامعات المرموقة عند تطوير المنهجيات.
ولعل الجامعة, اعترتها حالة من التوعك الأكاديمي واختفت عن الأضواء في السنوات السابقة, إلا أنها عادت لتؤكد دورها وريادتها في التعليم العالي.. ويأتي في صدارة هذا التأكيد ما شهدته الجامعة يوم أول أمس من رعاية خاصة لها من قبل خادم الحرمين ووضعه حجر أساس مشاريع استراتيجية تعزيزا للدور المستقبلي الذي تطمح إليه هذه الجامعة. وتأسيس مشاريع يتجاوز تكلفتها 14 مليار ريال دليل قاطع على الخطوات الجبارة التي رسمتها الجامعة وتنوي الاستمرار فيها. والواقع أن هذه المشاريع تتميز وتختلف اختلافا كليا عن المشاريع المشابهة في الجامعات الأخرى، فهذه المشاريع تتعدى كونها مشاريع مبان أو بنى تحتية إلى مشاريع تميز علمي ابتداء بمشروع وادي الرياض للتقنية وانتهاء بمشروع أوقاف الجامعة, حيث من المتوقع أن تغير هذه المشاريع وجه الجامعة من ناحيتين: الناحية الأولى التركيز على الأبحاث والدراسات العلمية ذات البعد الاستراتيجي المتوافق مع خطط التنمية. والناحية الثانية اتجاه الجامعة إلى تحقيق موارد ذاتية تكفل الاستمرار في التطور دون الاعتماد على المخصصات المالية المحددة والمقيدة بتعليمات الإنفاق الحكومي الذي لا يتناسب والريادة العلمية.
إن المشاريع التي دشنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز, هي انطلاقة جديدة لبعد جديد من العمل التطويري الكبير الذي تؤديه الجامعة لخدمة المجتمع. ومن المتوقع أن تحقق هذه المشاريع جملة من النتائج الإيجابية المرتقبة لدعم الجامعة والمجتمع. كما أن هذه المشاريع ستساعد الجامعة على تحقيق رؤية جديدة تحقق رغبات وطموحات الأساتذة والباحثين والطلبة على حد سواء، وستتجه بجامعة الملك سعود نحو تحقيق الريادة العلمية، والإسهام في نقل وتوطين المعرفة وتلبية احتياجات المجتمع التعليمية والعلمية والطبية والتنموية وتفعيل علاقتها معه.
وعلى قدر ما تحمل هذه المشاريع من إيجابيات للجامعة، إلا أنها وفي الوقت نفسه تحمل تحديا كبيرا يتمثل في ضرورة استمرار الجامعة في تحمل المسؤولية الوطنية المتمثلة في ثقة الحكومة والمجتمع، وتحمل الأمانة التي وضعتها الدولة في هذه الجامعة. ولعل التحديات التي ينبغي للجامعة الالتفات لها هي: ضرورة التوازن في خدمة المجتمع من الناحيتين البحثية والتعليمية، مع المحافظة على الكفاءة والجودة والتوسع، في استقطاب الكفاءات الأكاديمية المتميزة محلياً وعالمياً من خلال المحفزات المادية والمعنوية، وتطور آليات العمل الداخلي والنوعية في التنظيم الإداري للجامعة في ضوء ما تستهدفه الجامعة من برامج ومشاريع طموحة تضمنتها خططها المستقبلية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي