الأوغاد يضحكون!
عنوان هذا المقال ليس سوى عنوان لإحدى أجمل القصص التي كتبها الصديق الكاتب والروائي (عبده خال) قبل سنوات, وأذكر أنني حين قرأتها آنذاك (قبل 10 سنوات تقريباً) لم أكن على معرفة شخصية بكاتبها ولذلك حرصت على البحث عن نتاجه الأدبي ومتابعة جديده.
مرت بعد ذلك فترة طويلة قبل أن تجمعني مكالمة هاتفية بـ"أبي وشل" أخبرته فيها أن إبداعه في اختيار عناوين قصصه ورواياته لا يقل بأي حال من الأحوال عن روعة نتاجه الأدبي, ثم أخذنا نستعرض أسماء معظم رواياته وقصصه (لا أحد, ليس هناك ما يبهج, الموت يمر من هنا... إلخ) لنتوصل إلى قاسم مشترك بينها يتمثل في صخب اليأس الذي ينبعث من بين أحرفها.. لكنني أعترف الآن بأن (الأوغاد يضحكون) هو العنوان الذي مازلت أردده في مواقف متعددة لدرجة أنه أصبح لزمة يعايرني بها الأصدقاء, أو يحاولون تذكيري بها في بعض المواقف الطريفة.
وبالأمس فقط هاتفني أحد الأصدقاء بعد أن قرأ مقالي الذي نشر في هذه المساحة تحت عنوان (تجار الوهم في السعودية) ضاحكاً ومردداً العبارة إياها, وهو يقصد بذلك أنني بت من أولئك (الأوغاد) الذين يضحكون على مصائب الناس بكل برود!
صديقي العزيز يعتقد أنني اتخذت موقفاً عدائياً من المعلمين والمعلمات المنصوب عليهم من قبل بعض الأشخاص الذين أوهموهم بقدرتهم على نقلهم أو تعيينهم مقابل مبالغ مالية فاستجابوا لهم, و هو يرى أنه كان يفترض بي قبل لوم الضحايا واتهامهم بدفع الرشاوى حتى وإن كانت وهمية .. أن أهاجم وزارة التربية والتعليم التي يرى أن إجراءاتها الخاصة بقضيتي النقل والتعيين هي السبب الرئيس في وصول أولئك المعلمين والمعلمات إلى درجة كبيرة من اليأس والإحباط جعلتهم ينساقون خلف الوهم مرغمين.
ولأنني رجل لا أتمنى أبداً أن أنتمي إلى قائمة (الأوغاد الضاحكين) فقد وعدت صديقي بأن أوضح موقفي من إجراءات الوزارة, لكن دون أن أتنازل عن رأيي في كون المعلمين والمعلمات الذين تورطوا في هذه القضية يستحقون اللوم الشديد وإعادة التأهيل سلوكياً قبل أن يعلموا أبناءنا في المدارس.
ولأن الحديث عن مأساة المعلمين والمعلمات مع قضايا النقل والتعيين أكبر بكثير من أن تحويها هذه المساحة فسأختصر القول لأؤكد أن هناك مشكلة حقيقية في وزارة التربية والتعليم في هذا الجانب ويجب الالتفات لها ومعالجتها من قبل المسؤولين في الوزارة, أما بالنسبة للمعلمين والمعلمات فلا يخفى على أحد أنهم أنجزوا إنجازا عظيماً وعرفوا الطريق الصحيح لنيل حقوقهم عندما فكروا في مقاضاة الوزارة نظامياً بسبب عدم حصولهم على المستويات الوظيفية التي يستحقونها, وإن كانوا يعتقدون حقاً أنهم تعرضوا للظلم في مسألة النقل أو التعيين فعليهم أن يسلكوا المسلك النظامي نفسه وأن يوكلوا من يطالب بحقهم قانونياً أمام الجهات الرسمية.
إننا يا سادة يا كرام في بلد تحكمه الأنظمة والقوانين لا الآراء والقرارات الارتجالية المخالفة للأنظمة والتي قد يتخذها بعض المسؤولين دون الاستناد إلى مرجعيات نظامية, بل إن الأنظمة التي قد تتسبب في الإضرار بالمواطنين قابلة للمراجعة قانونياً, فلماذا تقفلون أفواهكم كما يريد وينادي بعض من يرعبهم سماع أصواتكم؟!