محطات الوقود والفقراء
إعلان مجلس الشورى أمس الأول تمرير توصيات تتعلق بمحطات الوقود على الطرق السريعة والإقليمية جاء متأخرا، لكن أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي، خاصة في ظل الوضع المزري للمحطات من حيث تدني مستوى الخدمة المقدمة التي – كما جاء في توصيات الشورى – لا تليق بالبلد ولا بأهله، وأصبحت أحد المشاهد السيئة جدا على الطرق السريعة. والأدهى والأمر أن هذه المحطات تسببت أو تتسبب في ضرب قطاعات أخرى تعتمد على السفر البري، كما في القطاع السياحي، حيث بات السفر برا قطعة من العذاب التي لا يتمنى المسافر تكرارها.
من المهم في هذا الجانب خاصة في ظل الحديث عن تنظيمات جديدة تفعيل مقترح سابق أعتقد أنه للأمير سعود بن عبد المحسن أمير حائل يتعلق بمنح فقراء القرى والمدن التي تمر بها الطرق نصيب من هذا النهر الاستثماري الجاري من خلال تمليك موقعها للجمعيات الخيرية، بحيث يكون الموقع لصالح الجمعية الأقرب من حيث المسافة.
في هذا يمكن أن نحقق أهدافا عديدة سواء من الناحية الاستثمارية أو الخيرية بالنظر لأن الجمعيات تستهدف الاستثمار طويل الأجل، ما يخلق حالة من الاطمئنان من قبل المستثمر الذي يشغل المحطات وهو غالبا شركات كما في توصية مجلس الشورى، ثم أننا نعالج جزءا من فشلنا في إيجاد موارد استثمارية مستمرة للجمعيات الخيرية، حيث تنتظر بعضها أشهرا للحصول على صدقة أو تبرع.
الآن بالذات لدينا شبكة طويلة وعملاقة من الطرق السريعة لم تملك أراضي لمحطات واستراحات الوقود مثل طريق القصيم – المدينة السريع، حائل – الجوف السريع، رفحاء – حائل – المدينة المنورة، أو تحت الدراسة مثل الجبيل – القصيم، والقصيم – مكة المكرمة، من المناسب جدا تحقيق هذا الهدف النبيل وفق آلية معلنة وواضحة، بل من المفيد أن يعلن التمليك للجمعيات قبل تسليم المواقع للشركات لعلها تحصل على عروض مالية مناسبة. لقد آن الآوان أن يشارك أهل هذه المواقع في خير طرقاتهم بدلا من قصر الاستفادة على سماع صرير السيارات العابرة التي لا تخلف لهم إلا الزيوت المتناثرة في الأرض وأكوام القمامة ومشاهدة مرعبة من الحوادث المميتة.
بقي أن أشير إلى أهمية أن تتضمن أي تنظميات جديدة لمحطات الطرق توفير وسائل إسعاف وطوارئ مجهزة لمواجهة الحوادث المرورية بحيث تكون ضمن مسؤوليات الاستراحة (المحطة) وفق نطاق محدد من خلال توفير سيارات إسعاف كافية .. العملية فرصة استثمارية نادرة يجب أن توجه وجهتها الصحيحة ويستفاد منها لخدمة مستخدمي الطريق .. ومن حوله أيضا.