ما المكاسب التي حققتها لأهل غزة ؟
عبد الصمد الحكمي
أنا وأنت لسنا مخولين للإجابة عن هذا السؤال .. الأرامل والثكالى والأيتام والفاقدون ذويهم والجرحى والمعاقون والذين سوّيت بيوتهم بالتراب وحدهم مخولون للإجابة عنه .
مُنظّروا حماس في دمشق ولبنان وغزة يعلنون النصر المبين ، هذا النصر الزاحف فوق أشلاء 1330 جثة و5500 جريح و4000 ركام ومليون ونصف المليون فقير كيف نستوعبه وتحت أي المعايير نصدقه ؟
إن مئات الأعمدة المجوفة المحشوة بشيء من البارود بالتوازي مع خطاب التحدي , حمل إلى أهلنا في غزة القتل الجائر والجراح الغائرة والدمار الهائل والرعب المتنامي والتبعات القاسية عبر قوة غاشمة لا يردعها دين أو خلق أو ضمير
أفبعد هذا كله يبيح قادة حماس لأنفسهم التغني بالنصر ؟
أدرك أن الحقيقة تكون صادمة أحيانا ، لكنني لست بالذي يعير عقله للآخرين .
فأنا لا أرى في سلطة حماس ومنهجها إلا عدوا مثاليا لإسرائيل قدّم ويقدّم لمخططها الإجرامي النازي الفاشي ـ عن وعي أو سوء تقدير ـ المبررات تلو المبررات لإرواء عطشها إلى الدم والتدمير والتهجير .
لست معنيا بالإجابة عن سؤال محتمل قد يتمحور حول ما الحل البديل ؟ لكني معني بالنتيجة التي كانت كارثية لا تستوعبها عقولنا ناهيك عن عواطفنا وسيمتد أثرها إلى حين .
نعم للفلسطينيين حق النضال والمقاومة ولكن تحت راية واحدة ورؤية واضحة وليس عبر مغامرات في ظل تشرذم وانقسام واقتتال وسجال إعلامي وتبعيات لأنظمة لا تحترم إلا مصالحها الخاصة ولا يعنيها الشأن الفلسطيني إلا من خلال ما تتحفنا به من مهرجانات إعلامية بات الوعي الناضج يشعر حيالها برغبة في التقيؤ .
(لم نكن نتوقع أن الرد الإسرائيلي سيكون بهذا الحجم من الفظاعة ) قالها بالأمس حسن نصرالله ، ( إن إسرائيل فشلت في تدمير البنية التحتية لحماس ) يقولها اليوم خالد مشعل
ذلك الاعتذار السمج من حسن نصرالله وهذا التصريح المتنصل من المسؤولية من خالد مشعل يعرّيان وهن الفطنة ويفضحان القدرة المتشظية على إدارة الأزمات ولا عزاء للمكلومين للمفجوعين للمتشردين في العراء والبرد للباحثين بين أنقاض منازلهم عن بقايا لبس أو متاع ؟
على قادة حماس أن يدركوا أن تقديرنا لهم يكون بحجم الإنجاز لا بحجم الكوارث ، وأن حق المقاومة لا يجوز أن نرفعه شعارا ونمتهنه ممارسة .
ويجب أن يفهم قادة حماس أن نقدهم لا يعني الانحياز إلى المعسكر الآخر ، وإنما لأن الظرف الراهن يحتّم تقويم النتائج الكارثية التي انتهت إليها حرب العدوان على غزة ، ولأن النصيحة أصلٌ في الشرع.