الأزمه الماليه ومعوقات الاستثمار

د/عبدالرحمن بن محمد البريدي -الرياض

تعصف بكافة دول العالم أزمه ماليه وتوقعت معظم هذه الدول أنه قد يصعب تجاوزها خلال الفتره القريبه وأن أثارها قد شملت مجالات وصناعات عده مما حدا بهذه الدول الصناعيه والناميه كافه للبحث عن الخروج من الأزمه وتخفيف أثارها من خلال جذب المستثمرين المحليين أو الأجانب.
ومن خلال هذاً المقال رغبت أن أقدم بعض الأراء والتي يمكن أن تسمح بتطوير وجذب الأستثمارات مما قد تسهم هذة المشاريع بتخفيف الأعباء عن الحكومه وعلى عدد من القطاعات وسوف ابدأ بعرض كيف يقوم المجلس البلدي بمدينة أدنبرأ عاصمة أسكتلندا بجذب الاستثمارات.
أدنبرأ من أشهر المدن السياحيه بأوروبا ويرتادها بالصيف مايزيد عن مليوني سائح من مختلف أنحاء العالم وخلال الفتره الصيفيه تجدها مكتضه بالسواح ونسبة إشغال الفنادق، الموتيلات والشقق 100% وخلال فترة تواجدي بأدنبرأ طلب مني أحد زملاء الدراسه الكوريين الذهاب معهُ إلى المجلس البلدي بالمدينه حيث يرغب بفتح مطعم كوري.
ذهبنا إلى المجلس ووجدنا إداره متخصصه تتولى تطوير الأستثمار بالمدينه وتحتوي على صاله لإستقبال الزوار وعدد من المكاتب كُلاًًًً حسب أختصاصه ثم أخذنا موظف الاستقبال لقسم أخر وعُرض علينا الفرص الأستثماريه الممكن نجاحها بالمدينه ولم يكن المطعم الكوري من ضمنها والسبب أن الاقبال على المطاعم الكوريه ضعيف هذا بالإضافه إلى أن السياح القادمين من كوريا محدودون ولكن إدارة الأستثمار قدمت للكوري برنامجا تدريبيا مجانيا مدته أسبوع وكان يتضمن كيفية البدء بمشروع تجاري بالمدينه، كيف يمكن التسويق له، كيف ينمي استثماراته من المشروع، الطرق المتاحه للحصول على السيوله النقديه والتي من الممكن أن تقوم هذه الأداره بتعريفك على عدد من مندوبي البنوك والذين يمكن أن يوفرون السيوله المطلوبه، المواقع المناسبه لبدء مشروعك، ...إلخ.
وبهذه المقدمه رغبت أن أوضح أنه بدأ يتزايد الاهتمام والتشجيع على الاستثمار في كافه المجالات خاصة بعد هذة الأزمه مما يسمح بفتح آفاق وقطاعات متعدده وأعلم أن الهيئه العامه للاستثمار تبذل مجهودات جباره داخلياً وخارجياً لجذب الأستثمارات بعده مجالات وبعدد من المدن الأقتصاديه ولكن أرغب في أن تتبناء عدد من القطاعات الخدميه الأخرى مثل هذه الأفكار وتقديم وتطوير الفرص المتاحه للأستثمار وأن لايقتصر على تقديم المواقع الأستثماريه بل لابد من التوسع بذلك ليشمل تقديم الفرص الأستثماريه الممكن نجاحها بمدننا، كيف يمكن تقديم الدعم لهذه الأستثمارات، وتقديم التسهيلات والأستشارات الإداريه، الماليه، الفنيه في إنجاح مثل هذه المشاريع،....إلخ؟
لذا يجب على العاملين بهذة القطاعات البحث عن مشاريع واستثمارات طويلة المدى والبُعد عن استثمارات نجدها بعد مرور ستة أشهر أو سنه منذ افتتاحها مكتوب عليها للتقبيل لعدم التفرغ أو السفر. يجب أن لايقتصر دور هذه القطاعات بإصدار التصاريح بل لابد أن يتوسع دورها على أن يشمل تقديم النصائح للمستثمرين خاصه الصغار منهم مما يسمح بأستمرار هذه المشاريع لكي تسهم باستقرار اقتصادنا حيث أن هذه الفئه من المستثمرين هم الدعم الحقيقي في اقتصاديات الدول كافه وخير دليل على ذلك أن صغار المستثمرين في الصين يمثلون 70% من إجمالي الاستثمارات مما يؤثر إيجابياً على المستثمرين أنفسهم ويعزز نمو الأقتصاد المحلي.
وذلك لن يتم الأ من خلال قيام هذه القطاعات الحكوميه ببناء جسور متينه لتشجيع وجذب الأستثمار ولابد من مراجعة الهياكل التنظيميه لمعظم القطاعات خاصه الخدميه منها وأضافة إدارات متخصصه لإدارة، تسويق، دعم الأستثمار بهذة القطاعات مما يسهم بجذب المستثمر خاصه المحلي والدائم. وقبل ذلك كله لابد من تحديد الهدف الذي تقوم به هذة الإدارات من خلال تحديد المهمات المؤكله لهم وإعداد الخطط بواسطة مختصين لكيفية تنفيذها مع مراعاة أن تدار هذه الإدارات بواسطة متخصصين بإدارة وتسويق هذة المشاريع.
يمكن الأستفاده من بعض ما طبقته الهيئه العامه للأستثمار بهذا المجال ويمكن أن تقوم هذة القطاعات بالتنسيق مع الهيئه وذلك لإعداد دورات تدريبيه لمنسوبيها مما يسمح بتطوير وتنمية طرق الأستثمار المتبعه وذلك يسهم بالأنطلاق من بيئه أستثمارية متطوره.
واللجوء للهيئه العامه للأستثمار يسهل عمليه التغلب على معوقات الأستثمار بهذة القطاعات بالأضافه إلى أنهم أصبحو رواد بالتغلب على معوقات الأستثمار حيث نجد أن المملكه قد قفزت من المرتبه 67 إلى 16 كأفضل بيئه أستثماريه وكل ذلك تم خلال الأربع سنوات الماضيه.
والخطوه الأول والتي من الممكن البدء بها هو معرفة معوقات الأستثمار لتلمس السبل إلى تطويرها ومن ثم العمل على إزالتها وجذب الاستثمارات. ومن القطاعات الخدميه والتي يمكن أن تطور الأستثمارات لديها الخدمات البلديه، الصحيه، الأجتماعيه، التعليميه، المروريه، الرياضيه،.....إلخ.
فنجد على سبيل المثال لدى البلديات العديد من الفرص الأستثماريه لو تم نقلها للقطاع الخاص لأصبحت تدُر مبالغ ضخمه ومنها الحدائق، ممرات المشاه، أعمدة الأناره، الساحات العامه، الأراضي الحكوميه...إلخ وأيضاً برامج رعاية الشباب والأنديه الرياضيه لو حاولنا أستثمارها بشكل فعال لوجدنا أن كراسي الجماهير، وأرضية الملعب يمكن أن تصبح مصدر دخل للأنديه وذلك من خلال رسم شعار إحدى الشركات عليها.
ولكن معظم القطاعات الحكوميه تعاني من عدد من المعوقات ومن أهمها عنصران أساسيان:
1.إنعدام توفر معلومات عن الفرص الأستثماريه المتاحه بالمدن أو حتى في قطاعاتهم.
2.إنعدام وجود كفاءات مؤهله لإدارة هذه الأستثمارات.
إنعدام وجود الكفاءات خلق عددا من المعوقات الإضافيه ومنها:
1.إنعدام وجود أو تحضير أنظمه لجذب المستثمرين.
2.إنعدام وجود فرق تسويقيه للفرص الأستثماريه المتوفره.
3.زاد إنعدم التنسيق بين هذه القطاعات وقطاع رجال الأعمال وذلك لعدم وجود المحترفين لجذب المستثمرين مما سبب ضعف العلاقه بين القطاعين العام والخاص وزاد من عزوف المستثمرين للدخول بمثل هذه الأستثمارات وذلك لعدم وجود الرؤيه الواضحه والقوانين والتي تسهم بجذبهم وتسهل مهمتهم.
كل هذا أتاح لغير المختصين بممارسة الأستثمار بطريقه عشوائيه مما زاد العمليه تعقيد وأدى إلى طول الأجراءات المتبعه.
ومن أجل تنشيط الأستثمار بهذه القطاعات يمكن الأخذ ببعض التوصيات ومنها:
1.إختيار فريق متخصص بمجال الأستثمار مما يسهم بخلق الفرص والمشاريع الأستثماريه ويمكن أختيارهم من الموظفين الموجدين بهذة القطاعات وذلك بعد إعداد برنامج تدريبي مكثف من أجل صقل مواهبهم هذا بالإضافه لمنحهم بعض الحوافز الماديه والمعنويه عند إبتكار بعض الفرص الأستثماريه مما يزيد من جذب عدد من الشباب للعمل بهذة الأدارات ويزيد الأبتكار والأبداع.
2.إعداد كتيب عن المهام المُناطه بفريق العمل مما يسهل مهمته والإدارات ذات العلاقه بها.
3.تقديم الدعم الكامل لفريق الأستثمار وإدارته.
4.توعية المجتمع بأهمية مثل هذه المشاريع ودورها برقي وتقدم مدننا للظهور بشكل حضاري ومتطور وكيفيه المحافظه عليها.
5.الترويج لمثل هذة المشاريع في كافه أوساط المجتمع وأخذ أرائهم فى مثل هذة المشاريع.
6.دراسة خبرة بعض الدول بهذا المجال وإرسال بعض المختصين لرحلات قصيره لبعض الدول المتطوره بمجال الأستثمار والشراكه بين القطاعين العام والخاص.
7.دراسة الفرص الأستثماريه المتوفره بمدننا يجب أن لايقتصر على الفرص بل الجدوى منها للمدينه، المردود المتوقع للمستثمر من هذه المشاريع، تقديم بعض الحوافز لجذب المستثمر.
8.تحديث بعض الأنظمه والقوانين في هذه القطاعات ووضع قوانين ميسره تسهم بجذب الأستثمارات الضخمه وطويلة المدى.
9.إصدار نشرات دوريه عن نوعية الأستثمار الممكن نجاحه في مدننا مما يعوض نقص المعلومات الحاصل.
وأخيراً أعلم أن الموضع لازال حديث لدينا وهناك تنافس كبير بين عدد من الدول بجذب الأستثمارات ولكن توجه حكوماتنا الرشيده هو جذب الأستثمارات الناجحه والدائمه لدعم أقتصادنا وزيادة الموارد الماديه لعدد من القطاعات الخدميه مما يخفف الأعباء على ميزانية الحكومه ويطور الموارد البشريه ويزيد من أستخدمات التقنيه الحديثه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي