الأزمة المالية العالمية والمصرفية الإسلامية
حسين بن حسن بن علي أبوساق
في وسط هذه الأزمة المالية العالمية التي تدرجت من قطاع القروض إلى أسواق الأسهم العالمية إلى قطاع الرهن العقاري إلى البنوك والشركات كما هو حاصل الآن، تتساقط واحدة تلو الأخرى نظراً إلى الفائدة والرهون والقروض غير المسددة وتزايد الديون المعدومة وعمليات البيع على المكشوف بالشركات الحاصلة على العديد من الشركات العالمية سواءً بأمريكا أو الإمارات أو غيرها.
إن تراكم الدين على الدين والقرض على القرض والفائدة على الفائدة جعلت الشركات تلهث وراء السيولة التي كانت متواجدة لدى البعض بل وتجاوزت الشروط في توزيع القروض بلا شروط فأخذ المزارع قرضا تجاريا والتاجر قرضا زراعيا بلا قانون يحد ولا شرط يسد من غير اهتمام بأي عامل اقتصادي فأصبح الدين لا يغطيه القرض وسداد المقترض للقرض هو لفائدة القرض لا للقرض نفسه والفائدة أدخلت إلى نظرية الاقتصاد الكلي كجزء منظم لعملية الاقتصاد وأداة معرفة حيث أن للاقتصاد نظريات "نظرية الاقتصاد الجزئي" حيث الدورة الصغيرة على المجتمع (العوائل، الأفراد المنتجون) والدورة صغيرة على القطاعات (استهلاك، إنفاق، تخزين، استثمار) أما بنظرية الاقتصاد الكلي تدخل الدولة كقطاع عام و الاستثمار كقطاع خاص وتزيد أن تتحكم الدولة بالأسواق وتنظيمها ونيابة عن تبادل الموارد وندرة الموارد يأتي المال والاستثمار وغيره تتوسع الحلقة والأفراد فيكون المنظم "سعر الفائدة" حيث تعرف بالفائدة ومعادلاتها ما يغنيك عن النظر والبحث وغيره وهي اللب المنظم إلى اليوم الحالي و الغير قابل للنقاش .
إلى اليوم الحالي لا يتواجد "الاقتصاد الإسلامي" بشكل واضح للعيان وإنما محاولات ومجموعة برامج مصرفية بنكية والجدير بالذكر أن حتى البنوك الإسلامية ستجد نفسها أمام عالم اقتصاد قام بشكل متكامل على تلك النظرية ذات الفائدة كونها تساعد متخذ القرار على المعرفة والتحكم كما أن أغلب الأدوات التي تستخدمها الدول للسيطرة على الأسواق هي لأن "الفائدة" كونت معادلات رياضية جعلت الناس تعي ما يحصل بالسوق وبالاقتصاد ككل أولاً وتجعل الدول والحكومات تتحكم فيها عن طريق السياسات بنوعيها النقدية والمالية .
أن الفائدة تعجل من دورة الاقتصاد حيث تقل مع كل سداد و قد أدخلت النظرية الكينزية أثناء الكساد الكبير عام وكان العالم الاقتصادي البريطاني جون ماينارد كينز يدرس بجامعة أكسفورد قبل انتقاله لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي .
ولو تنظر للفائدة سترى أنها تدخل للربا من مدخل واحد أولاً وهو ربا النسيئة في أساس النظرية الاقتصادية، أما بقية البرامج المصرفية الإسلامية فهي تتعامل مع برامج مصرفية يقومون بتغير الفائدة فيها إلى معدل الخدمة يكون أعلى بكثير من معدل الفائدة ويحسب بنفس طريقة معدل الفائدة ولكن ثابت .
وحول هذه النقطة والربحية العالية جداً و "معدل الخدمة" صعب السداد يجعل البنوك تتابع للحصول على الصناديق الإسلامية والبرامج المصرفية الإسلامية، إن بناء نظرية اقتصادية خالية من الفائدة شيء صعب ولكن استبدالها بمعدل خدمة غير منطقي وسيقضي على الفقراء كما لا يستطيع أن يحل محل الفائدة المتغيرة كما لا يخدم صاحب القرار من بنك مركزي أو حكومة ما هو حاصل الآن مجموعة برامج مصرفية إسلامية ذات ربحية عالية كان الأجدى بناء نظرية اقتصادية شاملة تنظيمية أو بناء برامج متزنة وليست ذات أرباح خيالية لا تفرق بين القطاعات والأفراد أن تجربة البنقلاديشي البروفيسور محمد يونس في كتابه يجب أن تكون حاضرة فهي تجربة سوف تساعد في بناء برامج ذات جدوى للمجتمع ككل و سيضمن مساعدة الطبقات الفقيرة و الكادحة يرعاها بنك الإنماء وتعطي أي نظرية صفة الشمول لطبقات المجتمع كافة .
والآن هو الوقت الملائم لمثل هذه البرامج وهذه النظريات فالمدرسة الكينزية أدخلت لنجدة الاقتصاد العالمي من الكساد الكبير والآن يمر الاقتصاد العالمي بتباطؤ سيسمح بدعم كامل لمثل هذه النظريات وتطبيقها والملاحظ الآن يرى دعم البرامج الإسلامية للبنوك لا لشئ و أنما لأنها تساعد البنك في تدعيم أساسه من القروض المعدومة كما إن أكثر البنوك البريطانية قامت بدعم تلك البرامج و خففت القروض و التعاملات الأخرى لحين السداد و ذلك لدعم مسيرتها إلى الأمام مع هذه الأزمة .
إن الزكاة في الاقتصاد غير محسوبة على الاقتصاد لا كضرائب فالضرائب محددة و ملزمة من الدولة وخدمة هذا بتكوين برنامج خدمي فهو احد الأركان الإسلامية أولى لكن المشكلة أن الزكاة سنوية و ذات اثر بعيد بينما الاقتصاد سريع و كثير التذبذب ما بين الربح و الخسارة و الكساد و التضخم كما إن كينز يقول في كتابه (ثروة الأمم) ينتعش الاقتصاد كلما اقترب سعر الفائدة من الصفر .
إن ظهور قوة الاقتصاد الأمريكي كان بسبب الحرب العالمية الثانية حيث أوربا مشلولة و اليابان تعاني من القنابل النووية و البلاد المدمرة فكان المجال مفتوحا للمصانع و الشركات و المنتجات الأمريكية لتصدر للعالم حيث إن المصانع الامريكية سلمت من التدمير أما الآن فهناك النمور الآسيوية و الصين و الهند فاحتمال ظهور خارطة اقتصادية أخرى منافسة لأمريكا والأولوية ستدعم الفكر الاقتصادي الجديد.