شكرا
زيد بن ناصر
كلمة من أربعة حروف، لها مفعول سحري في النفوس، نقولها لمن يعمل عملا حسنا أو يسدي لنا معروفا، وهي ضرورية جدا لنا في حياتنا، نقولها حتى لمن يغضبنا أو لننهي الحوار مع أحد.
قال صلى الله عليه وسلم: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله"، فأين نحن من هذا التوجيه النبوي الكريم، لقد أغفلنا هذه الكلمة في حياتنا .. ترانا نكتفي بالصمت أحيانا عندما نجد شخصا يسقي زرعا أو يميط أذى عن الطريق، لا نقولها أحيانا لمن يسدي لنا معروفا بحجة النسيان أو أننا "نمون" على ذلك الشخص ولا يحتاج منا إلى كلمة شكر.
لا تعلمون مقدار أثر هذه الكلمة في دواخل النفس البشرية البسيطة، فهذه الكلمة تبعث شعورا بالارتياح عند تقديم عمل نافع استفاد منه إنسان أو أكثر، فبطبيعتنا لا نستطيع أن نعيش دون الآخرين، نتفاعل معهم ويتفاعلون معنا، يؤثرون فينا ونؤثر فيهم، كما لا يمكننا أن نعيش بمعزل عن أحد، لذا هذه الكلمة الطيبة التي وصى بها ديننا الحنيف لا شك ستزيد من أواصر الأخوة والقربى، لذا يجب ألا نتجاهل من نشكره أو نحقره، صغيرا كان أم كبيرا، فإذا كان لهذه الكلمة تأثير في الشخص الكبير وتولد له الشعور بالارتياح، فما بالك بالصغير عندما تشكره لتفوقه أو لعمله عملا حسنا، كمراجعة دروسه أو المحافظة على فروضه الخمسة، أو لعمله أي عمل حسن في حياته.
فعندما تقدم الشكر لإنسان قدم شيئا مفيدا سيحس في قرارة نفسه أنه قدم عملا جيدا ونافعا وإلا لما استحق شكر الناس عليه، وبالتالي سيحفزه على تقديم المزيد، لأنه وثق بأن عمله سيجد التقدير من الناس وبالتالي سيحرص على إتقان العمل في كل مرة.
حتى عندما ننقد يجب أن نشكر المنقود أولا على ما قدمه لنشعره بالارتياح والطمأنينة تجاهنا وتجاه ما سننقده فيه، ومن ثم سيتقبل ما سنوجهه إليه من نقد شاكرا هو الآخر.
كثيرا ما أغفلنا هذه الكلمة، وكثيرا ما ذهبت بنا زحمة الحياة بعيدا متناسين أناسا لهم فضل كبير علينا، فشكرا لأمي وشكرا لأبي، شكرا لمعلمي، شكرا للطبيب، شكرا لرجل المرور، شكرا لعامل النظافة، شكرا لصاحب المصنع، شكرا لصاحب الحرفة، شكرا لجندي الوطن الذي يذود عن حماه، شكرا لذلك الكاتب الذي أبدع، وشكرا لتلك الصحيفة التي نقلت هموم الناس، شكرا لتلك القناة التي قدمت برنامجا مفيدا، شكرا لذلك الطفل الصغير الذي أدى عمله بشكل جيد، شكرا لقارئ هذه السطور، شكرا لهذا المنتدى الذي جمعنا على دروب المحبة، وشكرا.. وشكرا.. وشكرا لكل من يستحقها ولكل من لا يستحقها نشكره لعل الله أن يهديه. وشكرا لكم.