حطام إنسان

توقفت الهجمات الإسرائيلية على غزة بهدنة لا نعلم مدى امتدادها، وبدأت الجهود المحلية والدولية في محاولة للملمة الأشلاء وإعادة تأهيل ما يمكن تأهيله.
والحديث بشكل عام لا يقف على حجم الكارثة التي لن نستطيع مهما حاولنا تصورها ونحن ننظر من خلف شاشات التلفزة على أرائكنا المريحة.
هناك كسور لا يمكن جبرها بأكثر أيادي الأطباء خبرة، ونزيف لا يمكن وقفه!
الوضع النفسي والاجتماعي هناك لن يعود لسابق عهده، ولست أنفي أن الأوضاع كانت مثالية قبل حدوث الضربة الأخيرة فالشعب الفلسطيني شعب محاصر وفي حالة حرب دائمة مع العدو حتى وإن وجد مساحات للتنفس.
إن أكثر ما يؤلمني ويثير قلقي هو شريحة الأطفال الكبيرة التي تعرضت لكلّ مظاهر العنف والخوف على مدى الأسابيع الأربعة الماضية وما سيتركه ذلك في نفوسهم.
سيفقدون مهاراتهم وحبّهم للحياة سيخافون من ترك أيادي أمهاتهم وآبائهم – هذا إن بقوا علي قيد الحياة – ستنتابهم الكوابيس والرّهاب من الليل والأصوات المرتفعة ، وبين قدرتهم على تقبّل فكرة الموت والحرب وإنكار كل ما يحدث خيط رفيع تحدده سنوات عمرهم.
والأطفال يختلفون في كل شيء حتى في تعبيرهم عن الأسى والمخاوف، هناك من ينفجر ويعبّر عن غضبه ويتخلص من مشاعره السلبية شيئاً فشيئاً وهناك من يكبت مشاهده وينزوي فاقداً الثقة في كل شيء.
حياة أطفال غزة هُددت واحتياجاتهم الأولية المفقودة إن لم تتوافر في وقت قصير ستسبب كارثة تضاف إلى قضايا الأطفال حول العالم، هؤلاء هم الأجيال التي ستسكن الأرض مستقبلاً وأي اضطراب وخلل في نشأتهم سيعود على العالم كلّه بسلبيات لا حصر لها.
لذلك بينما نحن نسارع بحشد طاقاتنا الماديّة ومساعداتنا العينية إليهم لبناء أرضهم المحطمّة يجب أن لا يغيب عن أذهاننا مسؤولية إعادة تأهيل الطفولة ومداواة جراحها بدعم الجهات المعنية بالطفولة وتشجيع كل من له خبرة في مجال التربية لجعلهم قضيته الأسمى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي