قطاع المقاولات ...الواقع والطموح
في خضم التطورات الاقتصادية والطفرة العمرانية التي تشهدها المملكة في عديد من المجالات فإن الحاجة ملحة إلى وجود شركات مقاولات قادرة على مواكبة هذه التطورات، والإيفاء بعديد من الاستحقاقات التي تتطلبها المراحل المقبلة في هذا المجال الحيوي والمهم، وإيجاد حلول لحالة العجز التي تعانيها السوق في هذا الجانب، ففي الوقت الذي تشهد فيه المملكة تطورا عمرانيا متناميا نتيجة للتطور في القطاعات الخدمية كتنفيذ مشاريع في قطاعات الطرق، الكهرباء، المياه، الصحة، والتعليم، وكذلك تنفيذ مشاريع سياحية من القطاعين العام والخاص، فإن مواكبة هذه التطورات وغيرها بشركات مقاولات قادرة على رفد هذه الجوانب ذات أهمية كبيرة لعديد من الاعتبارات، وإن إنشاء شركات جديدة وإعادة هيكلة القائمة منها قد يسهم بالطبع في تسريع عديد من المشاريع الخدمية والاستثمارية وإنجازها في فترات قياسية تسهم في الاستفادة منها، بدلا عن طول الفترات الزمنية لتنفيذ هذه المشاريع وحالات التمديد في هذا المشروع أو ذاك.
كما أن إنشاء شركات مقاولات من شأنه أن يعزز من المنافسة بين الشركات العاملة في البلاد، في تنفيذ مشاريع حكومية وخاصة الأمر الذي قد يسهم في تخفيض التكلفة العالية للعديد من المشاريع التي أصبحت تكلفتها العالية سببا في تأجيلها والتأخر في تنفيذها الأمر الذي ينعكس على الجوانب التنموية والاستثمارية في البلاد.
إن إعادة تدعيم وهيكلة قطاع المقاولات وتطويره من شأنه أيضا أن يكون بديلا عن الاستعانة بشركات أجنبية في تنفيذ مشاريع خدمية وإنتاجية، وأاثر ذلك في الاقتصاد الوطني وبناء قدرات في هذا القطاع الحيوي والمهم.
وبالطبع أسهمت وتسهم الشركات القائمة في تنفيذ عديد من المشاريع وأداء دورها في هذا المجال الحيوي والمهم، إلا أن الفترة المقبلة تتطلب شركات مقاولات جادة ترفد هذا القطاع للإيفاء بمتطلبات المراحل المقبلة ونتطلع أن يعمل القطاع الخاص بالتعاون مع الجهات المعنية على بلورة شركات مقاولات قادرة على رفد حركة التنمية والاستثمار في البلاد بما يسهم في مواكبة هذه التطورات وإيجاد آليات وسبل لتطوير قطاع المقاولات. وهنا أقترح أن تقوم اللجان الوطنية للمقاولات بدورها في عقد ورش العمل والندوات والمحاضرات لتسليط الضوء على الجوانب الحيوية لهذا القطاع وأوجه الدعم المطلوب للمنتج الوطني الذي يمكنه من الدخول في المشاريع المحلية إلى جانب واقع القوى العاملة في القطاع وقانون العمل والعقد الموحد وإمكانية معالجة بعض الجوانب المتعلقة بالقطاع المصرفي كالفوائد والقروض والضمانات ومدى تأثيرها في سوق المقاولات والعمل في المملكة ويتم من خلال الندوات طرح عدد من أوراق العمل تتناول حقائق وأرقام قطاع المقاولات وعلاقة المؤسسات الحكومية مع المقاول وتنظيم مهنة المقاولات على أن يشارك في هذه الندوات عدد من المسؤولين في القطاع الحكومي ورجال الأعمال ومؤسسات وشركات القطاع الخاص العاملة في قطاع المقاولات لتنظيم هذا القطاع وفق خطط موضوعية مبنية على دراسات واقعية بما يسهم في إضفاء قيمة مضافة له ويؤطر عملية استقدام العمالة وفق احتياجات السوق، والشركات والمؤسسات العاملة في البلاد، ويضع شروطا والتزامات للتفريق بين المؤسسات الجادة من عدمها، للارتقاء بنوعية العمل في الشركات، فإنه بلا شك قطاع المقاولات من القطاعات المهمة، ومن الأهمية تطويره باعتباره يمس كل الجوانب الحياتية المتعلقة بحياتنا ومستقبل الإنشاءات ومدى كفاءتها من عدمه، في إطار تطوير الإنشاءات وتحسين سبل عملها بما يرتقي بهذا الجانب، بدلا من تعاطي شركات المقاولات مع هذا النشاط، بشكل عشوائي، ودون أسس علمية تحدد مسارات العمل ومتطلباته، وانعكاسات ذلك على مستوى البناء والجوانب الهندسية المهمة التي يتطلب تطويرها بشكل أفضل من المرحلة السابقة التي كان لها ظروفها ومعطياتها. فقرار تنظيم عمل الشركات العاملة في قطاع المقاولات، لم يكن قرار عمل بحت وإنما كانت مسوغاته أكبر من ذلك تتمثل في الارتقاء بمنهجية العمل وفق متطلبات هذا القطاع وأهميته للبلاد على المدى الطويل، خاصة أن متانة البناء من عدمه، تترتب عليها مخاطر كبيرة لن نعي خطورتها إلا عندما نرى أخطاءها ماثلة أمام أعيننا.