الطلاق يبدأ من الجيب
من فضلك تأكد أنك يقظ حقا قبل أن تقرأ الأسطر التالية، وإذا لم تكن كذلك فقم برش وجهك بقليل من الماء البارد حتى يصبح استيعابك نشطا وإدراكك قادرا على استيعاب كل حرف من الأسطر المقبلة.
كشف التقرير الذي صدر عن وزارة العدل أخيرا أن إجمالي صكوك الطلاق في المملكة بلغ 24428 صك طلاق أي بمعدل 66 صك طلاق يوميا، في الوقت الذي بلغ فيه إجمالي عقود الزواج التي تمت في المملكة خلال عام واحد 115549 عقدا، بمعدل 316 عقد زواج يوميا، ولقد عزا عديد من القضاة الشرعيين والخبراء النفسيين تفسير ذلك الاطراد في حالات الطلاق إلى المال باعتباره السبب الأول في الخلافات الزوجية. وما سأتناوله هنا هو مشكلة الشراهة الاستهلاكية لدى بعض الأسر التي يترتب عليها زيادة معدل الإنفاق على الدخل الأسري والدخول في متاهات الاقتراض والدين ومزيد من الضغوط الأسرية، ويبدو أن عدد الأشخاص الذين يبحثون عن إشباع وقتي لرغباتهم قد ازداد عما كان عليه في أي وقت مضى، حيث يقدم هؤلاء على شراء أي شيء تقع عليه أعينهم أو تشتهيه أنفسهم حتى ولو كانت ميزانياتهم في حقيقة الأمر لا تحتمل ذلك، فيقومون بتقسيطها أو اللجوء إلى الاقتراض، فيقتنون الجديد دوما من الملابس والأجهزة الكهربائية والإلكترونية ويقومون بتغيير الأثاث دوريا ويتابعون بشغف كل جديد في الأسواق، وكأن شعورا قويا يتملكهم طوال الوقت أنهم في منافسة مع الآخرين على شراء الأشياء ويستلزم الفوز بها مزيدا من الشراء، وقد يعزى ذلك في مجتمعنا إلى الطفرة النفطية الأولى والأخيرة التي شهدتها المملكة في السنوات الخمس الماضية والتي بسبب تحقيقها معدلات نمو اقتصادي عالية حفزت بروز سلوكيات استهلاكية وازدياد ظاهرة الشراهة الاستهلاكية في المجتمع، فقد أصبحت تصرفات كثير من الناس في مجتمعنا تدعو إلى العجب، حيث يؤدي إسرافهم وفشلهم في التخطيط المالي إلى كثير من الخلافات الزوجية والمشكلات الأسرية، ويلجأون حينها إلى أبغض الحلال والتفكك العائلي والاضطراب الاجتماعي مع أنه كان في الإمكان تفادي معظم ذلك لو امتلكوا شيئا من الحكمة في التخطيط المالي والانضباط الاستهلاكي والعيش في حدود القدرات، فالعادات السيئة تجلب نتائج سلبية بينما تجلب العادات الناجحة نتائج إيجابية، والمخيف أن بعض النتائج لعاداتك السيئة يتراكم تدريجيا لتبدو لك آثاره الدرامية فجأة، ولذلك يبدو أننا في حاجة إلى التدريب على التخطيط المالي الأسري للتصدي لمشكلة نسبة الطلاق المتزايدة.