ما الذي يمنعهم؟

تمرّ أحداث غزّة الأخيرة وأحاول أن أكتب لكنّ القلم يعجز أحيانا عن وصف المشاعر التي يكنّها القلب، سأكتب وستكون مقالة أخرى تصف الوضع في غزّة!
الأحداث في غزّة تجبرني على الكتابة باتجاه منحى آخر، باتجاه ظاهرة تتميز بها شريحة كبيرة في مجتمعنا وتنكر سلبيتها.
ألا وهي العزلة التي يعيشونها عن العالم الخارجي، وجهلهم بما يحصل من أحداث تلقي بثقلها على حياتنا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
والسبب الرئيسي في هذه العزلة بنظري هو الانشغال عن متابعة أخبار الساعة التي تبث على مدار اليوم كلّ يومٍ دون أن تقصر القنوات في جهودها لبث الصوت والصورة.
في حديث مع إحدى السيدات علّقت بدورها على الوضع في غزّة وكأن الحاصل هناك حدث يوم واحد وسيعبر كما تعبر الهجمات الصهيونية بين فترة وأخرى.
فشرحت لها بدوري أن المشكلة في غزة لم تنبع من الغارات الأخيرة، فالمدينة محاصرة منذ شهور ويفتقر ساكنوها أبسط الخدمات الأولية، يفتقرون الدفء مع هجمة الشتاء ويفتقرون الخبز الغذاء الأول لشعوب العالم.
لكنّها لم تكن لتعلم بسبب جهلها للأوضاع العالمية حولها وحصل أن تحظى الغارات الصهيونية الأخيرة باهتمام لغزارة البث الإخباري واقتطاع وقت من برامجها (الأخرى) المفضلّة !
تتفاوت المسوغات التي يقدمها (المعزولون) لأنفسهم فبعضهم يرفض مشاهدة نشرات الأخبار كونها تعكّر أجواءهم أحياناً، أو تشغل تفكيرهم بما لا يستطيعون احتماله.
وبعضهم الآخر لا يجد الوقت الكافي للمتابعة بسبب تتابع المسلسلات والبرامج الترفيهية دون فواصل.
قد يعبّر عن هذا التجاهل بأنه حرّية شخصية واختيار لما يرغب الفرد بمشاهدته، وأنا لا أنكر هذا الحقّ الشخصي في الاختيار، إنّما أطالب بمزيد من الوعي تجاه العالم حولنا.
فكل ما يحصل على سطح الكرة الأرضية كبُر أو صغُر يؤثر فينا بطريقة ما قد نجهلها اليوم ونكون في مواجهة معها بعد سنوات!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي