عامل إضافي للتأثير في سوق النفط: أزمة الغاز بين روسيا وأوكرانيا
عاد العامل الجيوسياسي إلى الساحة النفطية بعد غيبة طويلة ليسهم في دفع سعر البرميل إلى ما فوق 40 دولارا وذلك بسبب أحداث غزة التي دخلت أسبوعها الثاني وبدء عملية الاجتياح الإسرائيلي البري للقطاع واحتمالات تداعيات ذلك على الموقف العام في منطقة الشرق الأوسط، خزان الوقود الأساسي للسوق.
فيوم الجمعة الماضي، وهو أول أيام التداول في العام الجديد، سجل سعر البرميل زيادة بلغت 3.9 في المائة، أو نحو خمسة دولارات إلى 44.60 دولارا. ومع أحداث غزة برز عامل الخوف من أتساع الأزمة لتؤثر في الإمدادات لأي سبب من الأسباب فلمنطقة الشرق الأوسط تاريخ من تداخل العامل السياسي مع السوق النفطية والتأثير في الإمدادات.
وإلى جانب هذا، برز عامل آخر متمثل في وقف صادرات الغاز الروسية إلى أوكرانيا، التي تعتبر المعبر لصادرات شركة غازبروم الروسية إلى مجموعة من الدول الأوروبية، حيث توفر الإمدادات الروسية نحو ربع الاحتياجات، وتذكر بعض التقارير أن الانقطاع في الإمدادات مرشح للاستمرار لفترة عشرة أيام مقبلة في الوقت الذي تزيد فيه برودة الطقس بسبب فصل الشتاء ومن ثم يكون الخيار اللجوء إلى النفط للتعويض عن انقطاع الإمدادات الروسية من الغاز.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تقطع فيها روسيا إمدادات الغاز، فقد قامت بالممارسة نفسها قبل ثلاثة أعوام بالضبط وخلال فصل الشتاء. ومع أن الخلاف يتركز حول الأسعار، إلا أنه يكتسب هذه المرة بعدا إضافيا بسبب الأزمة المالية العالمية, التي طالت البلدين وحاجة كل منهما إلى مبلغ ملياري دولار تشكل جوهر الخلاف.
عامل ثالث أسهم في دفع سعر البرميل إلى أعلى, يتمثل في القناعة التي بدأت تسود بأن الدول الأعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" ستجري خفضا ملموسا في إمداداتها تطبيقا لقرار المنظمة الشهر الماضي. ويدلل هؤلاء على أن سعر البرميل لم يتدهور حتى الآن إلى رقم واحد مثلما حدث من قبل مطلع العقد الماضي، وأن الإشارة إلى قمة 147 دولارا للبرميل التي بلغها السعر في الصيف الماضي تبدو مضللة لأنها نتاج للمضاربات ولم تعكس الحالة الفعلية لوضع العرض والطلب. ويساعد على هذا الاتجاه بروز مجموعة من المحللين بدأت تتحدث عن أن الاقتصاد العالمي في طريقه لتجاوز أسوأ مراحل الكساد الاقتصادي، الأمر الذي سيدفع الأسعار إلى الارتفاع مجددا بعد وصولها إلى القاع. ويمكن أن يسهم في هذا الوضع بعض الأخبار عن وضع الإنتاج المحلي في دولة رئيسية مثل الولايات المتحدة المعرض للتأثر بسبب تراجع عدد الحفارات العاملة بنحو 98 حفارة وذلك حسب الأرقام التي نشرت أواخر العام الماضي، وهو ما يعادل نسبة 16 في المائة.
إضافة إلى هذا فهناك اتجاه وزارة الطاقة الأمريكية للاستفادة من سعر النفط المنخفض وإعادة ملاء الاحتياطي الاستراتيجي الذي يحوي حاليا 727 مليون برميل، لكن المسؤولين الأمريكيين يشيرون إلى أنه الهدف الأولي لخطوة شراء 12 مليون برميل لتغذية الاحتياطي من ناحية والتعويض عن بعض الكميات التي تم ضخها للسوق إبان فترة انقطاع الإمدادات التي أعقبت إعصار كاترينا في عام 2005.
ومع أن الأرقام الخاصة بحركة المخزون تشير إلى حالة من الثبات، ألا أنها تظل أقل مما توقعه المحللون فالمخزون من النفط الخام زاد نصف مليون برميل فقط إلى 318.7 مليون، والبنزين 800 ألف برميل إلى 208.1 مليون، كما أن المصافي تعمل بطاقة 82.5 في المائة وذلك بتراجع 2.2 في المائة عن نسبة تشغيلها السابقة.