لماذا يتزوجون من خادماتهم؟!

السؤال الذي اخترته عنواناً لهذا المقال لم يعد غريباً على المجتمع, كما لم تعد ظاهرة زواج الرجل من الخادمة القادمة من وراء البحار ظاهرة صادمة أو مثيرة, ذلك لأنها انتشرت خلال السنوات الماضية بشكل كبير, حتى إنه من الطريف أن هناك مثلاً عامياً يرد كثيراً على ألسن الناس في وصف الشخص الذي لا يستطيع الحصول على حقوقه أو الذي لا تُمنح له تلك الحقوق بشكل متساوٍ مع أقرانه بـ (ابن الشغالة)!
وقبل أن نجيب عن السؤال (العنوان) لا بد من أن نتحدث أولاً عن المتطلبات النفسية المرتبطة بالإرث الثقافي والاجتماعي للرجل الشرقي, هذا الرجل الذي جاء إلى العالم ووجد والدته وجدته تعملان على خدمة زوجيهما بشكل متفانٍ دون كللٍ أو ملل, بجانب أن ثقافته الدينية والاجتماعية تكرس نظرية القوامة وتمنحه بموجبها امتيازات رب الأسرة التي تمثل في أعلى نقاط منحناها التاريخي السلطة المطلقة للرجل على الزوجة والأبناء, وتضع بموجب ذلك الزوجة في إطار محدد يلزمها بأن تجند كل طاقتها ووقتها لتلبية المتطلبات النفسية للرجل, وأن تتفرغ تماماً لخدمة الأسرة دون اعتراض أو (نشوز), وطالما وصلنا إلى هذه النقطة فيمكننا القول إن هذا بالضبط ما ينطبق على الدور الذي يلعبه كثير من (الخادمات) اليوم في ظل انشغال الزوجات بأشياء كثيرة عن أدوارهن الأساسية التي أطّرها الإرث الثقافي والاجتماعي للمجتمع الذي يعشن فيه!
ما سبق يكشف بشكل عام السبب الرئيس في لجوء كثير من الأزواج، خصوصاً من كبار السن إلى الزواج من الخادمات بحثاً عن المتطلبات النفسية التي افتقدوها مع زوجاتهم. ويجب أن أوضح هنا أن الخادمة ليست كائناً غريباً، بل هي امرأة مكتملة الأنوثة مثل الزوجة تماماً وتمتلك جميع المؤهلات النفسية والجسدية للعب هذا الدور, ولا يمكن الانتقاص من قيمة الرجل الذي قرر أن يقترن بامرأة لمجرد أنها تعمل بوظيفة خادمة فهذا الوضع نتاج حاجتها المادية لا أكثر.
ولعل من الطرائف التي تروّج في المجتمع ويتم الحديث عنها بشكل مستمر خلف أبواب البيوت والمجالس النسائية ما يُسمى (سحر الخادمات), وهو ما لا يعدو كونه محاولة يائسة من الزوجات لتبرير تصرف أزواجهن الذين أقدموا على خطوة الزواج من خادماتهم بشكل يعد وفق العرف الاجتماعي ضربةً قاصمةً وإهانة شديدة للزوجة الأولى !
وكنت قد اطلعت سابقاً على تحقيق صحفي عن ظاهرة الزواج بالخادمات في السعودية, وقد تحدث في هذا التحقيق أزواج يمثلون نماذج حية لتلك الظاهرة.. وجاءت تبريراتهم لزواجهم من الخادمات مقنعة جدا حيث بدوا راضين تماماً عن حياتهم الجديدة.
أما ما يمكن إيراده على سبيل الدهشة والطرافة في آن واحد فهو حادثة غريبة تناقلتها وسائل الإعلام قبل سنوات عن تسابق رجل وابنه في مدينة جدة على الزواج من خادمة إندونيسية كانت تعمل في منزل أحد أقربائهما مما أدى إلى نشوب خلاف ومشادات بينهما انتهت بتدخل أحد العقلاء للتحكيم في هذه القضية المصيرية بالنسبة للطرفين، واتفق معهما على أن تكون الخادمة من نصيب الذي تختاره هي، وتم قبول هذا الحكم من كلا الطرفين، وكانت المفاجأة مذهلة عندما اختارت الخادمة الزواج من الأب المسن، وسط ذهول الابن الذي قرر الاختفاء عن الأنظار!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي