جمعية المطالبة بحقوق الرجل !

يبدو أن الرجال على سطح هذا الكوكب باتوا بحاجة إلى تشكيل جمعيات للدفاع عن حقوقهم في ظل الثورات العالمية لدعاة حقوق المرأة, ولتقييم المكتسبات التي حصلت عليها بنات حواء خلال قرنين من الزمن في جميع أنحاء العالم, مما أسهم بشكل كبير في تحطيم جميع مكتسبات السلطة التاريخية للرجل على مر التاريخ.
إن الرجل الذي قُدر له أن يعيش في هذا العصر لا بد وأن يكتشف أنه الأقل في الامتيازات السلطوية بين جميع الرجال الذين سبقوه, بل إنه هو من سعى وما زال يسعى في سبيل محاربة امتيازاته التاريخية التي اكتسبها بالوراثة من أجل عيني المرأة, فغالبية دعاة حقوق المرأة في هذا العالم اليوم هم من الرجال الذين تفوقت نزعتهم الإنسانية على نزعاتهم الذكورية, لكنهم في نهاية المطاف استيقظوا على عالم جديد كل ما فيه يدعم حقوق المرأة, بينما باتت حقوق الرجل في عداد الأشياء المنسية, بل المضحكة أحياناً!
وفي مجتمعاتنا العربية التي تأتي في ذيل قائمة مجتمعات العالم من حيث المكتسبات النسائية أو (الحقوق) كما اصطلح على تسميتها, تسري القاعدة ذاتها, فالمرأة تكتسب مزيدا من الامتيازات يومياً, بينما يخسر الرجل ويحاكم أيضاً على مكتسباته الوراثية التي لا ناقة له فيها ولا جمل, وهو أمر ينبئ بأن نهاية هذه المسيرة ستستوجب ظهور جمعيات للمطالبة بحقوق الرجل بعد أن يصبح رصيده من الامتيازات بالسالب!
ولأنني رجل صودرت غالبية امتيازاته الوراثية في هذا الجانب وتم التلاعب بسلطته التاريخية كغالبية رجال عصره, فقد قررت أن أبادر بطرح فكرة تأسيس جمعية عالمية للمطالبة بحقوق بني جنسي المتخاذلين والمنهارين جراء القصف المتتالي من الهيئات والمنظمات العالمية الداعمة للحقوق والمطالب الجديدة للمرأة, على أن يكون دور هذه الجمعية مقتصراً على إعادة صياغة قوانين اللعبة بين الرجل والمرأة بشكل يضمن العدالة بين الطرفين, إلى جانب محاولة تحويل مسلسل الخسارة المتواصلة للامتيازات الرجالية إلى مسلسل من التنازلات المشروطة التي تكفل حق الرجل في عدم التعرض للظلم والاضطهاد في نهاية المطاف.
ولكي أوضح الصورة كاملة سأضرب مثالاً يصور طريقة تحويل الخسارة إلى تنازل مشروط ضامناً بذلك العدل في تقسيم تركة الامتيازات بين الرجل والمرأة, وهو (حق المرأة المتزوجة في العمل), فبطبيعة الحال هذا حق أساسي لا يمكن للرجل معارضته اليوم, لكن هذا الحق في المقابل يوجب على المرأة الحاصلة عليه أن تتحمل التكاليف المادية نفسها التي يتحملها الزوج في سبيل توفير احتياجات الأسرة, ويوجب عليها مشاركته بشكل إجباري وليس تفضلاً منها في توفير مسكن الأسرة, سواء كان ذلك بالمساهمة بدفع نصف الإيجار أو المساهمة في شراء المنزل, وهذا ينسحب على بقية المتطلبات المتعلقة بالأسرة بشكل عام, كما أنه ليس مطلوباً من الرجل بناء على هذا الحق أن يدفع مهراً للزوجة دون الحصول في المقابل على مهر مشابه وهو أمر تفرضه ضرورة العيش في هذا الزمن بعيداً عن الإرث الثقافي والاجتماعي السائد.
وعلى هذا النحو يمكننا ضرب مئات الأمثلة لحقوق المرأة واخضاعها لنفس طريقة الاشتراطات السابقة بشكل يضمن العدل بين الجنسين ويكفل عدم تحول الرجال إلى كائنات مضطهدة في هذا العالم, ولا بد أخيراً من سن قانون أساسي للجمعية الجديدة وتضمينه بنداً تمتنع بموجبه عن المطالبة أو الدفاع عن حقوق أي رجل تم تصنيفه في يوم من الأيام على أنه من دعاة حقوق المرأة !

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي