تحديات اقتصادية تؤخر انطلاق عجلة مصفاة ينبع عن الدوران

تحديات اقتصادية تؤخر انطلاق عجلة مصفاة ينبع عن الدوران

بينما بدأت الخطوات الأولى الفعلية لتشييد مصفاة لتكرير الزيت الخام في الجبيل بين شركتي أرامكو السعودية و"توتال الفرنسية"، مضت مصفاة ينبع الدخول في نفق مظلم، ولا سيما أن "أرامكو السعودية" و"كونوكو فيليبس" الأمريكية، وهما الشريكان في المشروع لم يتخذا أي خطوات جادة نحو المضي قدما لإنشاء المصفاة، رغم تأكيدهما غير مرة على تشييد المصفاة، بسبب أوجه عدم اليقين في أسواق المال والتعاقدات.
وبدا أن عجلة مشروع مصفاة ينبع لتكرير 400 ألف برميل من الزيت الثقيل، ستتأخر كثيرا عن الدوران، بسبب تحديات كبيرة يواجهها المشروع، على عكس توأمه في الجبيل الذي اتخذ الشريكان في مصفاة الجبيل لتكرير 400 ألف برميل يوميا من الزيت الثقيل، خطوة عملية جريئة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، حيال إنشاء مجمعهما المقترح للتكرير والبيتروكيماويات في الجبيل ، وذلك بمنحها المقاولة الرئيسية لشركة مقاولات سعودية، لتنفيذ مجمع المرافق المؤقتة المطلوب لدعم المرحلة الإنشائية.
ويأتي منح هذه المقاولة المهمة بمثابة إشارة قوية لالتزام مؤسسي "ساتورب" وهما "أرامكو السعودية" و"توتال الفرنسية" لمتابعة خطتهما الرامية لإنشاء هذا المشروع المشترك، الذي تم تكوينه مباشرة عقب توقيع اتفاقية الشراكة في حزيران (يونيو) الماضي، وبدد الشريكان الشكوك حول تعثر المشروع التي حامت حول مدى قدرة الشريكين على إنشائها، في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
وكان الشريكان قد اتفقا في وقت سابق على تأخير جولة عطاءات بخصوص المصفاة التي اتفقا على إنشائها إلى شباط (فبراير) المقبل، حيث كان مقررا طرح العطاءات في شباط (نوفمبر) الماضي، وإنهما مددا تاريخ تقديم العطاءات،كي يمكن للشركات تقديم عروض مناسبة بدرجة أكبر.
وتمتلك مصفاة الجبيل مقومات اقتصادية مغرية،بسبب قربها من منابع النفط السعودية الضخمة، إضافة إلى وجود البنى التحتية النفطية في المنطقة الشرقية،وهو ما أسهم في الشروع في إبرام عقد الأعمال الإنشائية لمصفاة الجبيل، غير أن مدينة ينبع الصناعية تفتقر إلى هاتين الميزتين الحيويتين، الأمر الذي يقلل من الجدوى الاقتصادية للمشروع. واتفقت الشركتان السعودية والأمريكية على إنشاء مصفاة من الصفر بطاقة تكرير مقدارها 400 ألف برميل يوميا، تعمل على تحويل المكونات النفطية الثقيلة إلى منتجات خفيفة، في مدينة ينبع الصناعية في السعودية.
وتأتي هذه المصفاة لمعالجة الخام العربي الثقيل الذي ستزوده "أرامكو السعودية"، وستنتج منتجات عالية الجودة ذات مستوى متدن للغاية من الكبريت، على نحو يفي بمعايير المنتجات الحالية والمستقبلية،وستكون كل من "أرامكو السعودية" و"كونوكو فيليبس" مسؤولتين عن تسويق نصف إنتاج المصفاة، ومن المقرر حسب الاتفاقية أن تبدأ المصفاة العمل في عام 2013.
وأكملت الشركتان التقييم المبدئي واتخاذ القرارات المؤقتة حول الاستثمار والحصول على عطاءات مبدئية والمرحلة المبكرة من الأعمال الهندسية الأساسية، كما جاء في مذكرة التفاهم الموقعة بين الشركتين في شهر أيار (مايو) 2006، وتشتمل المرحلة الثانية على طلب العطاءات من المقاولين وتجهيز المواد التي تحتاج إلى وقت طويل وأعمال إعداد الموقع.
وتعتزم كل من "أرامكو السعودية" و"كونوكو فيليبس" تشكيل شركة مشروع مشترك، تمتلك كل واحدة منهما فيها النصف من حيث ملكية وتشغيل المصفاة الجديدة المقترحة،ويعتزم الطرفان، بعد الحصول على الموافقات الرسمية اللازمة، طرح جزء من أسهم المصفاة للجمهور في السعودية.
وقد واجه المشروع مصاعب اقتصادية، بسبب ارتفاع التكاليف إذ أعلنت شركة كونكو فيليبس الأمريكية في الربع الثاني من العام الجاري، عن تراجعها في المشاركة في بناء مصفاة الفجيرة الإماراتية كما أنها تفكر في اتخاذ الخطوة نفسها حيال مصفاة ينبع في السعودية التابعة لشركة أرامكو السعودية، وذلك بسبب ارتفاع تكلفة المشروعين وانخفاض العوائد المتوقعة منهما، ويعتقد أن التكلفة الإجمالية لمشروع مصفاة ينبع قد تضاعفت إلى 13 مليار دولار من التقديرات الأولية الموضوعة للمشروع وهي ستة مليارات دولار عند إبرام مذكرة التفاهم بين "أرامكو" و "كونكو" في أيار (مايو) عام 2006، غير أن الشريكين اعتمدا في حزيران (يونيو) الماضي، الاستمرار في التمويل لتطوير مشروع مصفاة التصدير في ينبع، وذلك قبل الأزمة المالية التي عصفت بالأسواق العالمية، مما أعاد المشروع إلى مرحلة الانتظار والترقب مرة أخرى.
وتلقى فريق عمل مشروع مصفاة ينبع والموجود في هيوستن الأمريكية، إشارات جلية خلال الأيام الماضية بضرورة خفض النفقات على دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، وهو ما يعني بضرورة إعادة دراسة الجدوى في ظل الظروف الراهنة.
وقال لـ" الاقتصادية "أعضاء من فريق عمل المصفاة من مقر إقامتهم في هيوستن الأمريكية، إن الشريكين بعدما أعلنا في حزيران (يونيو) الماضي عزمهما الاستمرار في المشروع تمت مخاطبة كبرى الشركات العالمية المتخصصة لبناء معامل المصفاة المكونة من معملي فرز الزيت عن الماء والغاز المصاحب لدراسة المشروع وتقديم عطاءاتهم خلال آذار (مارس) المقبل، وهي المهلة الثانية التي حددها الشريكان بعد المهلة الأولى في كانون الأول (ديسمبر) الجاري، غير أن فريق العمل أرسل بإشعارات للشركات العالمية التي تمت دعوتها يخطرهم بأنه تم تأجيل المهلة الجديدة حتى إشعار غير معلوم.
ويشير الأعضاء إلى إن الجدوى الاقتصادية لمصفاة ينبع تختلف تماما عن توأمتها في الجبيل، بسبب التكاليف الباهظة لنقل الزيت الخام من حقل منيفة البحري في مياه الخليج العربي، وهو ما قد يقلل من أهمية الجدوى الاقتصادية للمشروع بشكل كبير، على عكس مصفاة الجبيل التي هي على مقربة كبيرة من البنى التحتية النفطية في المنطقة الشرقية المشبعة بالنفط.
وقد قال عبد العزيز الجديمي وهو مسؤول رفيع في شركة أرامكو ومعني بتطوير الأعمال الجديدة "إن مصفاتي النفط في الجبيل وينبع ،اللتين تنوي الشركة إنشاءهما مع شريكين أجنبيين لن يتم إلغاؤهما،لكنهما سيتم تأجيلهما ". وأضاف خلال تجمع اقتصادي عقد أوائل الشهر الجاري في غرفة الشرقية "أن جميع الشركات حاليا تعيد دراسة برامجها ومشاريعها، وهو أمر وارد في ظل هذه الظروف الراهنة".
وتنوي شركة أرامكو تخصيص مصفاتي الجبيل وينبع لمعالجة إنتاج حقل منيفة العملاق الغني بالكبريت، والذي لا ترغب فيه الأسواق العالمية حاليا،وعجلت شركة النفط الوطنية في طرح مناقصة تطوير حقل منيفة الضخم،المتوقف منذ 25 عاما، من 200 ألف إلى 900 ألف برميل يوميا من الزيت العربي الثقيل، الذي يحتوي على نسب عالية من الكبريت، حيث من المقرر أن يبدأ الإنتاج في الحقل في حزيران (يونيو) 2011.

الأكثر قراءة